أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

‏إظهار الرسائل ذات التسميات المسرح في امريكا. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات المسرح في امريكا. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 26 سبتمبر 2023

الحقيقة والمدينة في نصوص رائد الكتابة المسرحية الأميركية كلايد فيتش

مجلة الفنون المسرحية


الحقيقة والمدينة في نصوص رائد الكتابة المسرحية الأميركية كلايد فيتش

الجمعة، 11 أكتوبر 2019

"دائرة الطباشير القوقازية" في "نيويورك أبوظبي"

الثلاثاء، 3 يوليو 2018

«طائر الشباب الجميل» لويليامز: الزمن... ذلك العدوّ العنيد

مجلة الفنون المسرحية

«طائر الشباب الجميل» لويليامز: الزمن... ذلك العدوّ العنيد

ابراهيم العريس - الحياة

في أوائل العام 1959، كان الكاتب المسرحي الأميركي تنيسي ويليامز قد أنجز كتابة مسرحية في فصل واحد بدا فيها وكأنه ينعى مفهوم الشباب نفسه ويتحدث عن الزمن الذي يحمل الينا الشيخوخة بشكل حتمي. وإذا كان ويليامز قد عاد في العام نفسه الى نفس الموضوع من خلال تطويل للمسرحية نفسها وتبديله في عنوانها، فإنه احتفظ بما هو أساسي فيها من ناحية الشخصيات وهيكلة الموضوع والحبكة، ليخلق واحدة من آخر مسرحياته الكبرى، «طائر الشباب الجميل»، على أنقاض تلك ذات الفصل الواحد التي كانت تحمل عنواناً أكثر مباشرة هو «العدو؛ الزمن». وإذا كان ويليامز قد واصل مسيرته الكتابية لسنوات بعد «طائر الشباب الجميل»، كان من الواضح أن عصره الذهبي كان قد أضحى وراءه بالنسبة الى إنتاجه المسرحي وأن ما كتبه في سنواته الأخيرة، كان يتراوح بين أعمال كوميدية تكاد تفتقر الى الموضوع الحقيقي - كما حال «مرحلة التعديل» - وأعمال - مثل «ليلة الإيغوانا» - مكتوبة بذهنية أن تتحول الى أعمال سينمائية مستعيدة جوهر الأفكار المسرحية التي كان الكاتب قد عبّر عنها في العديد من نصوصه السابقة، من «الحيوانات الزجاجية» الى «قطة على سطح ساخن» مروراً بـ «أورفيوس يهبط» أو «فجأة في الصيف الفائت» بخاصة «صيف ودخان» وبالتأكيد «عربة اسمها رغبة» وغيرها من مسرحيات صنعت الخشبة الأميركية أواسط القرن العشرين ناهيك بتأثيرها في السينما الاجتماعية في هوليوود حين كان يؤفلمها مبدعون من طينة إيليا كازان أو ريتشارد بروكس أو جون هستون.

> والحقيقة أن ما كان تنيسي ويليامز يحاول أن يقوله في «طائر الشباب الجميل» التي اعتبرت أشبه بوصية له، إنما هو غروب ذلك الشباب وانقضاء المرحلة الأجمل والأعذب من الحياة. كان من الواضح أن ثمة هنا، وأكثر مما في أي وقت آخر، قسطاً كبيراً من الذاتية في هذه المسرحية... وبالتالي لم يكن غريباً أن تدور أحداثها من حول الحياة السينمائية بشكل أو بآخر، لتبدو ولو من طرف خفي، نوعاً من الرد أو حتى التجاوب مع «صانست بوليفار» ذلك الفيلم الكبير الذي كان بيلي وايلدر قد حققه عن غروب عصر النجوم في هوليوود المكتهلة. ولسوف نرى بعد سطور، على أي حال، كيف ان ويليامز عكس الآية هنا، إذ جعل القناع والتبرج ضمانتين لبقاء عصر النجوم، معتبراً أن الواقع قد يكون هو من يشيخ أو يكتهل، بينما القناع يمكنه أن يبقى على حاله. فهل نحن هنا، في إزاء أطروحة إضافية يمكن دمجها في لعبة الصورة والحقيقة، الوجه والقناع؟ ليس هذا مؤكداً حتى وإن كان في تفسير النص الويليامزي ما يغري بذلك البعد. مهما يكن نعرف أن ويليامز دائماً ما كان يطلب من جمهوره ونقاده ألا يبالغوا في التفسير لأن ذلك قد يفقد الإبداع جزءاً كبيراً من ملذاته!

> تدور المسرحية أساساً من حول الشاب تشانس واين ابن بلدة سان كلو الصغيرة الواقعة في فلوريدا والذي يعود اليوم الى بلدته وقد أحس بأنه أخفق في تحقيق أحلام الثراء والشهرة التي كان قد غادر البلدة قبل سنوات وهو يحلم بتحقيقها. وتشانس هذا يكتشف اليوم أمام خيبته، أنه قد بالغ في الاعتماد على جماله ووسامته في مساعيه ومن هنا لم ينل طائلاً. كل ما في الأمر أنه من بين النساء الكثيرات اللواتي عرفهن وارتبط بهن محاولاً الوصول من خلالهن تبقت له تلك المكتهلة التي نعود معه الآن رغم تبرّمه بها. فالسيدة التي تقدم نفسها اليوم تحت اسم برنسيسا كوزمونوبوليس كانت ذات يوم نجمة كبيرة من سيدات هوليوود لكن تجربة أخيرة لها حاولت من خلالها العودة الى مجدها الغابر، أخفقت مخلفة لديها الألم والحسرة، ناهيك بالرغبة في الانزواء هنا في ذلك المكان القصيّ من العالم في انتظار النهاية. ونحن إذ نجدنا أمام شيء من الالتباس في علاقة تشانس بالبرنسيسا، سوف نتابع الآن محاولات ذلك الشاب وهو يسعى في البلدة الى العودة للارتباط بحبيبة صباه التي تخلى عنها ذات يوم حين ارتحل ليجرب حظه في هذا العالم. بيد أن الصبية الحسناء هافنلي فينلي ابنة السياسي المحلي بوس فينلي تبدو غير مهتمة به وقد أدركت بعد فترة الانتظار الطويلة أنه ما عاد اليها لأنه يحبها بل لأنه يرى في الارتباط بها من جديد فرصة سانحة للعودة الى أحلامه وتطلعاته، وهذه المرة من خلال النفوذ الذي يتمتع به الأب. ومن هنا، ترفض هافنلي كل طروحات تشانس وإغواءاته، فيما يقوم أبوها بمحاولة طرد الشاب من البلدة. وهو مسعى تشاركه فيه البرنسيسا التي ترى أن مصير تشانس إنما بات مرتبطاً بمصيرها وعليهما أن يرحلا معاً بعدما رفضته البلدة، وبعدما أخفقت هي في العثور على العزاء وراحة البال هنا. لكن تشانس يرفض رغم إلحاح البرنسيسا ورغم تهديدات رجال بوس الذين يلحون عليه بشكل يبدو معه وكأنه مطرود. أما تشانس فإنه يرفض مغادرة البلد حتى، أيضاً حين يعلم أن مرضاً تناسلياً نقله قبل سنوات الى هافنلي قد تسبب لها في عملية جراحية تمنعها الآن من الإنجاب وربما تكمن في خلفية إصرارها على عدم العودة إليه.

> هنا تحدث القلبة المسرحية ذات النمط الذي يحلو لتنيسي ويليامز عادة وضعه قبل ختام مسرحياته محدثاً فيها تبديلاً جذرياً ليمتحن قدرة شخصياته على التعاطي مع ذلك الأمر المستجد والخالق للقلبة المفاجئة. فالواقع أن اتصالاً هاتفياً يصل الى تشانس يخبره بشكل غير متوقع أن الفيلم الأخير الذي قامت البرنسيسا ببطولته، لم يخفق على الإطلاق بل حقق نجاحاً ساحقاً أعاد لتلك النجمة الغاربة شعبيتها وعاد المنتجون للتدفق عليها كي تواصل العمل في أفلام جديدة. هنا من جديد، لا تتخلى تلك النجمة عن تشانس، بل تلح عليه أكثر وأكثر على المغادرة معها إذ صار اليوم أقرب الى تحقيق أحلامه بمساعدتها وقد استعادت اسمها كنجمة، ألكساندرا دي لاغو، بعدما بقيت متخفية طويلاً تحت الاسم المستعار خوفاً مما كان يخيّل اليها أنه أكبر فشل في مسارها المهني. لكن تشانس يواصل رفضه المغادرة. فلا تجد ألكساندرا مهرباً من مبارحة البلدة وحدها الى حيث تنتظرها حظوظها الجديدة. أما تشانس فإنه يبقى... ولكن في انتظار رجال بوس الذين يستعدون لخصيه من ناحية عقاباً له لرفضه أوامر بوس بالرحيل، ولكن من ناحية ثانية انتقاماً لهافنلي التي كان هو من تسبب ماضياً في حرمانها من حياتها الطبيعية!

> واضح هنا أن تنيسي ويليامز، في هذه المسرحية القاسية وذات الشخصيات السلبية في نهاية الأمر، يلحّ من جديد على فكرة الزمن التي كانت تهيمن على مسرحياته السابقة بعدد من الأشكال المتنوعة. بيد ان أبرز ما كان يحاول قوله هنا هو كم أن الزمن يعمل على تحطيم كل ما هو جميل في حياتنا. فما هو الحل؟ من المؤكد أن النهاية، المتفائلة بالنسبة الى البرنسيسا/ ألكساندرا على الأقل، هي ما يقترح علينا الحل. الوسيلة التي يمكننا بها مقارعة ذلك العدو الذي يبقى من أخطر الأعداء: الزمن. إنه الفن. الفن الذي يقول المثل اللاتيني إنه يبقى طويلاً بعدما تنتهي الحياة القصيرة: «آرس لونغا فيتا بريفي». الفن ينقذنا لأنه الوحيد بين مكونات وجودنا ومتكونات هذا الوجود، من يمكنه أن يبقى قائماً خارج الزمن. الفن هنا هو الذي يمكن تلك النجمة السينمائية التي تكتهل بسرعة تحت وطأة العيش نفسه، من أن تعود الى الشاشة (الفن)، لتحقق تواصلاً في نجاحها يضمن لها ما يسميه الباحثون: الخلود الفني. فبما أن ألكساندرا هي هنا الفنانة الوحيدة الحقيقية، نجد أنها الوحيدة من بين شخصيات المسرحية التي سيكون لها غد ونهاية «سعيدة» ولو من خلال قناع الشخصيات التي تؤديها وبهرجها. وحسبنا هنا، عند هذه النهاية التي تبدو للبعض تبسيطية الى حد ما، أن نقارن بين مصير النجمة الهوليوودية، العائدة مظفرة الى الشاشة، ومصير الفتى تشانس الذي كان يحاول ان يجعل من عودته الى بلدته قمة انتصاره فأخفق، يكفي أن نقارن بين المصيرين لندرك مدى أهمية الدور الذي يسبغه تنيسي ويليامز (1911 - 1983) على الفن كوسيلة أخيرة للخلاص من ذلك العدو الذي يحدده بكل وضوح في فصول المسرحية الثلاثة: الزمن ولا شيء غيره.

الأحد، 2 أبريل 2017

مجلة الفنون المسرحية

"العقل والعاطفة" لجاين أوستن في قالب كوميدي

جنى الحسن 

عندما كتبت الروائية الإنكليزية روايتها "العقل والعاطفة" عام 1811، نشرتها بهوية مجهولة موقّعة بـ"سيدة". وكان قد سبق لها أن نشرت بصفة مجهولة. وقد كان شائعاً في تلك الحقبة الزمنية أن تنشر الكاتبات باسم مستعار نظراً للقواعد الاجتماعية والعادات التي لم تكن تتقبل أن تنشر امرأة الأدب مقابل المال. كما أن أوستن دفعت ثمن نشر الكتاب وتوزيعه وكلّفها ما يقارب ثلث دخلها السنوي.

لكنّ الرواية، بعد قرابة قرنين من الزمن، ما زالت تطبع وتباع وتقتبس لإنتاجات تلفزيونية من أفلام ومسلسلات وإنتاجات مسرحية كذلك، كان آخرها ما عرض على مسرح "فولغر" في العاصمة الأميركية واشنطن على مدى شهر ونصف في بداية الأمر، من منتصف أيلول/سبتمبر حتى نهاية تشرين الأول/أكتوبر، وثمّ تمديد عرضها حتّى منتصف تشرين الثاني/نوفمبر نظراً للنجاح الذي حقّقته.

مسرح فولغر

ومسرح فولغر هو جزء من مكتبة "فولغر شكسبير" في الكابيتول هيل في واشنطن، وتضم هذه المكتبة أكبر مجموعة لأعمال شكسبير وكذلك من الكتب والمخطوطات والأعمال الفنية التي تعود إلى عصر النهضة الأوروبية والحركة ثقافية التي استمرت تقريبا من القرن الرابع عشر إلى القرن السابع عشر ميلادي. ويعرض المسرح دائماً أعمال شكسبير بإنتاج مختلف وأعمال كلاسيكية أخرى.

ومثّل المسرح بديكوره الفخم وطرازه الإليزابيثي مكاناً مثالياً للعرض المسرحي المقتبس عن عمل أوستن الأصلي من قبل الكاتبة المسرحية كيت هاميل ومن إخراج إريك تاكر. واستمر العرض على مدى ساعتين ونصف تقريباً مع استراحة لقرابة العشرين دقيقة.

عرض حيوي

ما الذي يمكن أن يقدّمه عرض مسرحي من جديد لعمل تمّ تداوله خلال مئات السنوات سواء من خلال الطبع أو حتى من خلال التلفزيون والسينما؟ هذا السؤال مشروع لمن يعتبر متابعاً لعمل أوستن ومطلعاً عليه وإن كان هذا لا يعني أبداً الانتقاص من أهمية إعادة تداول وابتكار الأعمال الأدبية الكلاسيكية بطابع فني متجدد. المسرحية لا تخذل المشاهد، بجميع الأحوال، سواءً الذي لا يعرف أوستن ولديه فضول تجاه أعمالها او حتى الذي يعرفها جيداً. فما يبرزه العرض بشكل رائع هو حسّ الفكاهة الذي تملكه أوستن في الكتابة والذي لم ينعكس عادةً في الأعمال التلفزيونية التي اقتبست عملها.

كما قُدّم العرض بحيوية كبيرة، أصفت إليه طابعاً معاصراً نوعاً ما، ولم تبدُ المسرحية كأنّها تحاول أن تكون الرواية على الرغم من حفاظها على نفس المضمون، بل بدت عملاً قائماً بحد ذاته. وتضمّنت عناصر فنية من موسيقى ورقص مليئة بالحيوية والحركة. وكانت مصممة الرقص للمسرحية ألكسندرا بيلر، أما مصممة الأزياء ماريا هيل.

وما أضفى الطابع المعاصر للعرض كان التقنية المتبعة في المسرح، كونه يدور مع تغير المَشاهد، وينتقل من ديكور إلى آخر ومن مكان إلى آخر عبر الدوران إلى الجهة الأخرى.


العقل والعاطفة

ما يجعل أي عمل أدبي يعيش لمدة طويلة هو كونه يطرح مسألة أو سؤالا إنسانيا لا ينتهي بانتهاء زمن معيّن ولا يحصر في إطار المكان، كالصراع بين الخير والشر، والصراعات الإنسانية الداخلية كافة، ومن ضمنها الصراع بين العقل والعاطفة أو حتى بين الكبرياء والهوى وهو ما تطرّقت إليه الكاتبة الإنكليزية في عمل آخر كذلك. وسؤال الاختيار بين العقل والعاطفة هو الذي طرحته أوستن في عملها من دون أن تعطي إجابة نهائية عنه، كون إجابة واضحة في هذا الإطار ليست بالضرورة متوفرة.

والرواية نفسها كتبتها أوستن في البداية على شكل رسائل لشقيقتها كاساندرا. وفي سياق القصة، يظهر الانقسام بين العقل والعاطفة بين الشقيقتين إلينور وماريان داشوود. وتمثّل إلينور، الشقيقة الأكبر، صفات العقل وضبط النفس والحس بالمسؤولية الاجتماعية والقلق على مصالح الآخرين، بينما تمثل الشقيقة الصغرى ماريان العاطفية بما تحمله من عفوية واندفاع وحماس وإخلاص وعدم القدرة على ضبط المشاعر. وقد نجحت المسرحية في تمثيل شخصية ماريان المتطرفة بشكل كوميدي. فالشخصيات التي تكتبها جاين أوستن عامّةً هي متطرفة بشكل أو بآخر، وهذه الشخصيات بسلوكها تضيف الطابع الكوميدي.

الانقسام كذلك في وقت كتابة الرواية لا يمكن إخراجه من السياق التاريخي في منعطف القرن الثامن عشر بين حركتين ثقافيتين هما الكلاسيكية والرومنسية. فشخصية إلينور تختزل الخصائص المرتبطة بالكلاسيكية من عقل وبصيرة وتوازن واعتدال، بينما ماريان تعكس الرومنسية بما فيها من خيال ومثالية. لكن الشخصيتين ليستا غير قابلتين للجدال، بمعنى أن ميل إلينور إلى العقل لا يعني فقدانها العاطفة وحساسية ماريان لا تجعلها عنيدة أو حمقاء ومتهورة طوال الوقت. هذا التناقض يعكسه الحوار المسرحي ويبدو أنّه يخلص إلى مزج الشخصيتين، كأنّهما تكتشفان معاً كيفية التعبير عن مشاعرهما بشكل كامل من دون الوقوع في الانفعالات والحساسيات الزائدة.  

تحاول إلينور أن تحذّر ماريان حين تقع في غرام رجل غير مناسب، في مجتمع تحكم فيه المراكز الاجتماعية والمال الحب. لكنها بدورها، تغرق في منع نفسها من الحب وتحاول أن تخفي خيبتها العاطفية حتّى من أقرب الناس إليها. وماذا يجب أن يفعل الإنسان إزاء الضغوط الاجتماعية، الخضوع لها كإلينور أو مواجهتها كماريان؟


المؤثرات البصرية والصوتية


عدا عن القصة، نقل العرض المسرحي المشاهد إلى المجتمع البريطاني منذ ما يقارب قرنين، وكيف كان التواصل الاجتماعي مبنياً على كتابة الرسائل وكيف كانت هناك معايير محدّدة وإتيكيت للسلوك الاجتماعي، سواء للفتيات أو للرجال، طريق الملابس والطعام وحتّى الإرث وقواعده. ففي البداية، حين يتوفى والد إلينور وماريان، يترك ثروته لابنه من زواجه السابق ولا يبقى لفتاتين سوى القليل. حتّى الرحلات عبر الغابات على ظهر الخيل والمشي طويلاً يحققها الإنتاج الفني للمسرحية من خلال المساعدين الذين يحملون أغصان الأشجار ويجعلونها تبدو كأنّها تتكسّر لمرور الأحصنة. وطبعاً لا خيول حقيقية على خشبة المسرح بل أشخاص يجلسون بالمقلوب ويرفعون الممثلين كما لو أنّهم على ظهر الحصان. والعرض غني جداً بالمؤثرات الصوتية والبصرية، ما أخرجه من إطار الرتابة والملل.

جاين أوستن


ولدت جاين أوستن عام 1977 في بلدة ستيفنتون في هامشاير، وعاشت هناك قرابة 25 عاماً. وقد كانت محظوظة كونها ابنة رجل مثقف حصل على منحة دراسية من جامعة سان جون في أوكسفورد وأصبح متعاقدا هناك. لهذا وجّه أبناءه باتجاه إكمال تعليمهم الجامعي وكثّف من الدروس الخصوصية لابنتيه. وكانت جاين شديدة التعلّق بشقيقتها كاساندرا التي كبرتها بثلاثة أعوام وكانت تراها أكثر حكمةً وأفضل منها. وعندما ذهبت كاساندرا إلى مدرسة داخلية، أصرّت جاين أن تشاركها المصير. واستمر الرابط القوي بين الشقيقتين مدى الحياة. وقد أظهرت جاين شغفها تجاه الكتابة وحازت القبول والإعجاب والتشجيع من قبل عائلتها. وليس من الواضح متى بدأت بكتابة القصص الكاملة لكنها كانت معجبة أيضاً بالمسرح وكانت ترسل نصوصاً من تأليفها لمسارح الهواة.


في فيلم عرض أنتج عام 2007 تحت عنوان "أن أصبح جاين"، سلّطت الأحداث الضوء على حب جاين لتوماس لفروي، وهو الرجل الذي احتفظت تجاهه بالود لفترة طويلة لكن لم تستطع أن تكون معه بسبب الظروف الاجتماعية. ويظهر الفيلم أنّ جاين للحظات كادت أن تغلّب عاطفتها على عقلها وتهرب مع الرجل الذي تحب، لكن لجمها عن ذلك شعورها بالمسؤولية ورؤية مدى حاجة عائلته إليه (والدته وإخوته) وعادت أدراجها.

لم تتزوج جاين أوستن بعدها، لكن لفروي تزوج ورزق بابنة أطلق عليها كذلك اسم جاين. لكن الفيلم حاز على انتقادات كونه لم يسلّط الضوء على شخصية جاين الفعلية وصوّرها بشكل امرأة عاشقة فحسب، وهذا ما لا يمكن التأكد منه قطعاً. في جميع الأحوال، أظهرت جاين أوستن من خلال كتاباتها شخصية امرأة شديدة الذكاء والحنكة والعمق. أظهرت كذلك قدرتها الهادئة على الفكاهة، وهذا ما تبلور في العرض المسرحي الأخير. وربما لو كانت جاين جالسة في مقعدٍ في الخلف بالمسرح، لصفّقت بين الجماهير في النهاية، وابتسمت، أو حتّى ضحكت بفرح ورضى. 

 ----------------------------------------------
المصدر : ضفة ثالثة 

مسرحية "حليب يشبه السكّر" على رفوف الفقراء

الاثنين، 26 سبتمبر 2016

اليوم ..عرض مسرحية "خواريز" لفرقة مسرح ميتو الأمريكيةعلى المسرح الصغير بدار الأوبرا ضمن مهرجان القاهرة للمسرح المعاضر والتجريبي

مجلة الفنون المسرحية

"خواريز" ميثولوجيا وثائقية في الرابعة والثامنة بالمسرح الصغير بدار الأوبرا

تُقدم اليوم الإثنين فرقة مسرح ميتو الأمريكية مسرحية "خواريز" على المسرح الصغير بدار الأوبرا، وذلك في الرابعة عصراً والثامنة مساءً، ضمن فعاليات مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي برئاسة د. سامح مهران.
يقول مخرج العرض روبن بولندو: أجرى فريق مسرح ميتو سلسلة من اللقاءات والتحقيقات فيما يزيد عن عامين، لاستكشاف المنظر الطبيعي لحدود المكسيك مع الولايات المتحدة الأمريكية، عبر مدينة سيوداد خواريز الحدودية المكسيكية، والتي سُميت باسم الرئيس المكسيكي بينيتو خورايز،عُرفت سابقاً باسم باسو ديل نورتي، وقد اجرى الفريق ذلك الاستكشاف لكونها مدينة التنقاضات فرغم نموها الاقتصادي الأسرع في العالم الذي يجعلها تشبه معمل ينطلق بسرعة نحو المستقبل، كومضة مضيئة داخل عاصفة الإقتصاد التي توجهها السياسة وسوق العقار الأميركي، وفساد الحكومة والحماسة الدينية والفخر العائلي، في مقابل تصنيف المدينة كمرتع لانتشار الفقر والعنف والجرائم، بما في ذلك سلسلة من جرائم الاعتداءات والقتل التي تعرضت لها عاملات المصانع، موازيا لعنف عصابات المخدرات بغرض السيطرة على طرق التهريب الذي اودى بجياة نحو 6000 قتيل في عام 2008. بينهم 1600 في خواريز وحدها، أي مايزيد عن ثلاث مرات أكثر من معظم المدن الأكثر عنفا في الولايات المتحدة.
بقدم العرض باللغة الإنجليزية من تاليف فرقة مسرح ميتو، المؤلف الموسيقي أدم كوتشران، من إخراج روبن بولندو، مدة العرض 90 دقيقة .


-----------------------------------------------------------------
المصدر : مهرجان القاهرة الدولي للمسرح المعاصر والتجريبي

السبت، 28 نوفمبر 2015

الإعتراف الأخير لآرثر ميلر

مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني


يعود المخرج  الأمريكي روبرت فولس بذاكرته إلى الفترة التي أمضاها مع آرثر ميلر، عندما إضطلع بمهمة إخراج مسرحية "إنهاء الصورة".
في العام 2005، قبل رحيله بقليل، عرض آرثر ميلر مسرحية "إنهاء الصورة" والتي تناول فيها مراحل تصوير آخر فيلم ظهرت فيه مارلين مونرو. هنا، يتذكر مخرج المسرحية روبرت فولس تجربته إلى جانب الكاتب المسرحي. 
إضطر إيسادور، البولوني من أصل يهودي، والد الروائي والكاتب المسرحي آرثر ميلر، للإنتقال من نيويورك إلى بروكلين في العام 1929، بسبب الكساد الذي عمّ العالم في ذلك الوقت، لكن آرثر البالغ 14 عاماً لم يبك حينها. وبعد مرور سنوات على ذلك كان ميلر قد سجل ذلك في مذكراته. وعودة إلى الوراء، حيث العام 1987، جاء إعترافه الرسمي الأخير بعد وفاته، في 10 فبراير/ شباط 2005.
قبل عام، يعود الكاتب المسرحي الأمريكي، الحاصل على جائزة الأمير أستورياس في 2002، والذي أكمل في 17 من أكتوبر/ تشرين الأول الفائت 100 عام، يعود ليلتقي بصديقٍ قديم له، ألا وهو روبرت فولس، المدير الفني لمسرح "غودمان" في شيكاغو. وكانا إلتقيا في آواخر عام 1980. ويتذكر فولس قائلاً "كان لدينا، أنا وهو، وكيل أعمال مشترك في نيويورك، لكن أول لقاءٍ جمعنا كان خلال نشاطٍ إجتماعي، بعد مرور عدة سنوات". في تلك الأمسية دخلا في دردشة طويلة إمتدت لساعات. حيث كشف ميلر لفولس عن رغبته في إعادة عرض مسرحية "الهبوط من جبل مورغان" في 1991، التي قوبلت بالرفض من قبل بعض المخرجين.
 ويستمر فولس في الإسترسال بذكرياته عن مؤلف مسرحية "وفاة بائع متجول" الذائعة الصيت قائلاً "كنت معجباً بشخصيته وأعماله. وإلى جانب أوجين أونيل وتينسي وليامز، كان آرثر من أبرز الكتّاب المسرحيين في الولايات المتحدة. وقد سرّني جداً العرض الذي قدمه لي، لكن إضطررت لرفضه لأنني لم أستوعب جيداً مضمون العمل كي أقوم بإخراجه". وكانت مرت سنوات عدة حتى إلتقيا من جديد. ففي عام 1998، أخرج فولس "وفاة بائع متجول"، واحدة من أبرز أعمال آرثر المسرحية، والتي إحتفل في ذات العام بمناسبة مرور 50 عاما على عرضها لأول مرة على خشبة مسرح برودواي عام 1949، حيث بلغت إيراداتها 1،250،000 دولار أمريكي خلال العرض الذي إمتد لمدة سنتين، ونال عنها جوائز بوليتزر وتوني ونقاد الدراما. إلى جانب ذلك، كان آرثر كشف في هذه المسرحية عن جوانب من حياته الخاصة. إذ لم تكن مأساة بطل المسرحية، ويلي لومان، رمز تحطم الحلم الأمريكي، سوى قصة حياة والده إيسادور ميلر. لقد أعاد تقديم فولس للمسرحية الأضواء لتسلط من جديد على ميلر الذي أطلقت عليه الصحافة الأمريكية حينها تسمية "شيوعي خطير"، والرجل الذي كان، في يومٍ ما "زوج مارلين مونرو". ووفقاً لفولس أن تلك المسرحية التي أدى الدور الرئيسي فيها بريان دينيلي "كانت حققت إقبالاً كبيراً من لدن النقاد والجمهور، لم يشهده تأريخ المسرح في شيكاغو حتى الآن. فقد إستمر عرضها على مدى عام كامل، وفي 1999 عرضت في برودواي. وفي صيف 2004، يعود ميلر ليتصل بفولس، وهذه المرة من مقر إقامته في كونيكتيكيت، حيث كان يعاني في أيامه الأخيرة  من مرض السرطان والإلتهاب الرئوي. يقول فولس متذكراً تلك الأيام "أخبرني أن لديه نصاً عن مارلين. وفي الواقع، كان تناول فيه مراحل تصوير أحد أفلامها في العام 1961، عندما كانت مرهقة جداً ولا تستطيع الوقوف على قدميها ما لم تتناول بعض الأدوية".  والفيلم الذي يتحدث فولس عن مراحل عملية تصويره كان يحمل عنوان "اللامنتمون"، وهو عبارة عن نصٍ يحمل سمات الرواية،  والذي أعادت توسكيتس نشره، بمناسبة الإحتفال بمرور 100 سنة على ولادة ميلر، إلى جانب مختارات مسرحية، وكان نقله جون هيوستن إلى السينما. 
كان آرثر ميلر إقترن بزوجته الثانية مارلين مونرو في 1956، ولكن بعد مرور بضع سنوات، لم تستطع التخلي عن إدمانها على المخدرات. وبعد مرور بضعة أيام على البدء بتصوير فيلم "اللامنتمون"، وصفت صحيفة نيويورك تايمز ستوديو التصوير بأنه "أشبه بصالة إنتظار في مستشفى"، ولاقى الفيلم فشلاً ذريعاً رغم إنضمام مونرو وكلارك كيبل ومونتغمري كليفت إلى طاقم التمثيل. 
ولم يعر ميلر أهمية للنقد القاسي الذي نشر عن الفيلم إطلاقاً، فقد أراد أن يكتب ويروي ما يراوده من أفكار وذكريات لا غير. وكانت الكتابة، كما يقول فولس، أفضل ما قام به. كان يلجأ للكتابة بغية التنفيس عن أشياء، وآلام، وذكريات. وعلى سبيل المثال، في "سحرة سالم" 1953، كتب بصدق عن الإضطهاد السياسي الذي عانى منه في الخمسينات، للإشتباه في أنه شيوعي.
وكان عُرف عن آرثر ميلر رفضه التعامل مع المخرجين، إلاّ أن الأمر إختلف مع المخرج روبرت فولس. فقد كان ميلر شديد الثقة به، وكان يسرّه جداً دعوته لحضور التدريبات، بالنظر لأهمية الوقوف عن كثب على كيفية تحرك شخصياته على المسرح.  
    

يوسف يلدا - ايلاف

الأربعاء، 25 نوفمبر 2015

في اجواء مهرجان فيلادلفيا للمسرح الحديث

مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني


تشارك فرق عديدة من الولايات المتحدة بمهرجان فيلادلفيا للفنون المسرحية ويرى مدير المهرجان انه يمثل محاولة جادة ومهمة للغاية لجلب الفرق المسرحية ومشاهدة عروضها المهمة وإطهار امكانات الفنانين الجدد في عروضهم وهذا يؤثر في تطوير وتجديد الدماء التي هي بمثابة العروض ، وفي المهرجان تشارك مسرحيات كتبها شكسبير واونيل وألبي وبيكيت وأبسن ويونسكو - وتعتبر مسرحيتا يونسكو - الملك - والنرويجي ابسن - بيت الدمية من العروض المهمة في المهرجان في الاولى كلمات يونسكو تشبه الكرة التي تركل كي تحلق في الهواء وفق التصور السريالي وأيضا تشارك على هامش المهرجان مسرحية " كنيسة المسيح " ، يقول أحد الممثلين الذين شاركوا في تجسيد رائعة يونسكو " عندما نكون فوق خشبة المسرح يجب ان يكون كل شيء محبب للمشاهد " وممثل آخر يؤكد في مقابلة للتلفاز " المسرح هو أقوى وسيلة لتحريك الخيال بالكلمة " ، كما تقدم مسرحية اخرى مهمة هي " لعبة السكك الحديدية تحت الأرض " وهذه المسرحية تفتح ملفات الرق والعبودية والحرب الأهلية ، يقول أحد الممثلين أنا احب المشاركة في المسرحيات التي تشكك من نحن وإلى أي مدى نعتقد أننا وصلنا " وممثل آخر يقول " لقد حان الوقت كي تكون المسارح صاحبة المبادرة وقادرة على تجاوز توقعات الجماهير " ، كما قدمت في المهرجان رائعة " أبسن النرويجي - بيت الدمية " ورغم انه كتبها في العام 1879 لكنها مازالت صالحة للتقديم وأخذ العبرة منها ، حيث التكنولوجيا المستخدمة في المسرح حاليا تأخذنا إلى ابعد مدى في التجسيد وإضافة التفاصيل المهمة وجعل العرض له أهمية حيوية لدى المشاهد ، كما حاول المهرجان ان يؤكد ان السينما والتلفاز وحتى النت لا يمكن ان تكون بديلا للمسرح ..!


متابعة د. شاكر الحاج مخلف - المسرحيون العرب 

الفائزة بجائزة بوليتزر - مارلين روبنسون - المسرح علمني اشياء مهمة ..!

مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني




الكاتبة الامريكية - مارلين روبنسون - تقول ان المسرح علمها اشياء مهمة في الكتابة - وهي روائية حازت على جائزة بوليتزر عام 2004 وصاحبة اطروحة مهمة عن الكاتب شكسبير وبشكل خاص مسرحيته - هنري الرابع - قالت بامتعاض انها لم تتمكن من قراءة شكسبير كاملا وهي الان في سن السبعين وصار ذلك متأخرا- وهي ترى بدقة افكار شكسبير قد تسللت الى نتاجها ولعبت دورا مهما في توجيه حياتها على الرغم من انها اهملت الكثير من تلك المسرحيات الرائعة ولكن شكسبير وعوالمه الساحرة تشدها ، فعلا في رواياتها الاخيرة نجد الكثير من الإشارات التي تتفق مع ذاك الذي تحفل به مسرحيات الكاتب الانجليزي شكسبير وهي لا تخفي انها تناقش اعماله وترسمها من جديد ، وكتبت عن اطروحتها المهمة ان شكسبير كان رداء العبودية قد سيطر عليه حيث كانت فرقته تسمى باسم " عبيد اللورد تشامبرلين " في وقت من حكم الملك " جيمس " وقد وجدت ان الكاتب يظهر وعيا كبيرا بواجبات وامتيازات الموظفين في مختلف مسرحياته وقد تمكن بدقة من تصوير أنماطهم بصفات الغدر والخديعة والرياء والكذب والتزلف وغير ذلك- هي تحب من مسرحيات شكسبير رائعته - سمبلين - يوليوس قيصر - كليوباترا ...!

متابعة - د. شاكر الحاج مخلف - المسرحيون العرب 

الخميس، 24 سبتمبر 2015

الكاتبة المسرحية الصاعدة آني بيكر.. تعبّر عما هو أكثر حين تلجأ إلى الصمت

مجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني



تتخذ مسرحية ( جون ) للكاتبة الأميركية الشابة آني بيكر، التي افتتحت في تموز واختُتمت في أيلول الحالي، شكل قصة أشباح. إذ يصل شاب وشابة إلى نزل نوم وفطور في غيتيبيرغ، في ولاية بنسلفانيا، تديره عجوز محبوبة غريبة الأطوار لديها مجموعة من الدمى المفزعة. ويمكن أن يكون منزلها المخيف هذا مسكوناً بموتى الحرب الأهلية ، والدمى بالأرواح ــ وقد لا يكون كذلك. وعلى أية حال، فإنها لخلفية عظيمة بالنسبة للقصة المرعبة أن تتعهد الكاتبة الفائزة بجائزة البوليتزر بأن تروي وأن نشتاق نحن لأن نستمع، تقول مارلين ستاسيو في عرضها للمسرحية بصحيفة New York Times. معظم الكتّاب المسرحيين يخشون الصمت. والكثير من دراما الحياة يكمن في ما بين الكلماتمن فجوات ، لكن قليلين يعرفون كيف يحولون ذلك إلى عمل درامي للمسرح. ذلك أن لمعالجة الصمت على نحوٍ ملائم، يتوجب على الكاتب أن يمتلك أذناً مرهفة تتحسس الطريقة التي يتحدث بها الناس فعلياً، مع كل التمتمات، والتعثرات، والصدمات السريعة. وفقط حين تُفهم هذه الإيقاعات يمكن للكاتب أن ينقل بشكلٍ مُقنع ما تُرك من دون أن يقال، كما جاء في عرض نشرته مجلة The Economist.وتتّسم آني بيكر، الكاتبة المسرحية الصاعدة ، بمناغمة جيدة لما في الكلام الواقعي من هذه الأمور. ففي الظاهر، تبدو مسرحياتها خالية مما هو جدير بالذكر. فهي تُظهر أناساً عاديين يتحدثون عن أشياء عادية، غالباً ما تكون ذات أطوال كبيرة ومن دون أهداف كبيرة. وتشتمل مسرحيتها " النَّقرة The Flick "، التي جلبت لها جائزة بوليتزر عام 2014 وتجري الآن إعادة تمثيلها على مسرح بارو ستريت في نيويورك، على أكثر من ثلاث ساعات من الدمدمة والتضايق بين العمال في دار سينما وهم ينظفون بين الحواجز. لكن قوة عمل الآنسة بيكر الفني ــ وما يجعله متميزاً عن غيره ــ يتمثل في الطريقة التي تبدو فيها كل لحظة و كل تردد أمراً ملاحَظاً بذكاء وله معناه بشكلٍ هادئ.
وقد أكسبها هذا الانتباه للتفصيل متابعين مخلصين. فكان هناك كثيرون ينتظرون بصبر العرض الأول لمسرحية "جون"، وهي المسرحية الخامسة للآنسة بيكر، التي افتُتحت مؤخراً في مسرح Signature. و تتتبّع المسرحية، التي أخرجها سام غولد، وهو متعاون منتظم، شاباً وشابة من بروكلين يقضيان عطلة نهاية أسبوع زاخرة في نزل يوفر الفراش والفطور في غيتيسبيرغ، بينسلفانيا.
فنجد جيني و إلياس ( اللذين يقوم بدوريهما هونغ تشو و كريستوفر أبوت ) يعيشان فترة اضطراب. ولكن الجو المريح يجعل من حالات اللطف والغضب المتعاقبة بينهما أمراً مضحكاً إلى حدٍ ما. فهناك دمى وتماثيل صغيرة من الخزف الصيني في كل مكان. ونجد صاحبة النزل، وهي امرأة أكبر سناً ومرحة كثيراً ( جورجيا أنجل الرائعة )، تشغف بضيفيها الوحيدين، مقدمةً لهما البسكويت وغيره في رواحها ومجيئها هنا وهناك.
ويمكن القول إن مسرحية "جون" هذه تأمل دقيق في الإخلاص والحب. وتستغرق أكثر من ثلاث ساعات، لكنها لا تؤدي إلى الملل أبداً. فالكاتبة تُبقي الأشياء حيويةً بحوار داخلي، واقعي ومن الصعب التنبّؤ به. إذ يمكن لثرثرة حول تشنجات نسائية خاصة والحياة السرية للدمى أن تنساق نحو أسئلة كبيرة حول الله والإيمان. وكما هي الحال مع أعمالها الأخرى، فإن الآنسة بيكر ليست معتادةً على تقديم أجوبة. فالأحرى، أن موهبتها تتجه إلى خلق شخصيات تبدو واقعيةً بما فيه الكفاية للاهتمام بها، والتي تقول أشياء كثيرة حين تتحدث، لكنها تُظهر حتى ما هو أكثر حين تلجأ إلى الصمت.


ترجمة/ عادل العامل - المدى

تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption