أختيار لغة الموقع

أخبار مسرحية

آخر المنشورات في صور

الثلاثاء، 20 فبراير 2018

رائحة حرب .. صورة الحاضر و استباق توقع المستقبل

مجلة الفنون المسرحية

رائحة حرب .. صورة الحاضر و استباق توقع المستقبل
ظفار احمد المفرجي
تأليف : مثال غازي ( العراق ) – يوسف البحري ( تونس ) عن رواية ( التبس الأمر على اللقلق ) للروائي الفلسطيني اكرم مسلم 


اخراج : عماد محمد
دراماتورج : يوسف البحري
تمثيل : عزيز خيون
د . عواطق نعيم
يحيى ابراهيم
سينوغرافيا : سهيل نجم
عرضت المسرحية في بغداد على خشبة المسرح الوطني يوم السبت 29 / نيسان / 2017 .
كما عرضت في تونس على خشبة المسرح البلدي يوم السبت المصادف 13 / 1 / 2018 الثامنة مساءأ ضمن فعاليات مهرجان المسرح العربي العاشر .
مـدخـل
رائحة حرب هو عرض استباقي يتنبأ بحدوث حرب و العنوان يشبه قولنا في الحياة اليومية ( رائحة مطر ) او ( رائحة تراب ) انذارا بحدوث عاصفة ترابية او ان السماء ستمطر و هنا نقول ( رائحة حرب ) للدلالة على ان الحرب متوقع قدومها .
و يبدو واضحا منذ بداية العرض انه اختار ثلاث خطوط رئيسية ليضعها في التسلسل الزمني له تلك هي : –
1- النص : الذي يحتوي على قصة لها بعد مفهومي ، لكنها قصة متكاملة لها احداث و شخصيات واقعية لها تاريخ
2- التمثيل : بوصفه المادة الأساس في هذا العرض
3- المنظر : كخلفية ، بالأضافة الى الشاشات العاكسة ( الأفلام و الوثائق )
و الأخراج تداخل مع كل ما ذكر اعلاه و قام بتركيبه .

النـص – للمؤلف العراقي مثال غازي و التونسي يوسف البحري
لم تتضح اليات التأليف على النص ما بين مؤلفين يعيش كل منهما في بلد ، الكاتب ( د . مثال غازي ) ( 1) من العراق و الكاتب ( يوسف البحري ) ( 2) من تونس ، و ما زاد الأمر التباسا ان الثاني بالأضافة الى كونه مؤلفا فأنه دراماتورج العرض ، خصوصا ان التأليف رافق التمرين على العرض ، ما يجعل وظيفة الدراماتورج قد رافقت هذا الفعل ايضا ، و بالتالي كيف يمكن الفصل ما بين وظيفة التأليف و الدراماتورج اقصد مع هذا البعد ، مع وضوح الرؤية في ما يخص كونه مؤلفا فقط . الا انني سأشير الى النص بأسمه كنص ملتزما بفولدر العرض كونه وثيقة تعريف به ، و لن اتدخل في اليات تأليفه كونها فعل ماضي تم قبل وجود النص . و يتميز الكاتب ( مثال غازي ) نظرا لأطلاعي على تجربته بالتنوع ما بين مسرحيات تعتمد على الجملة الشعرية و بين مسرحيات ذات قصة مفهومية تعتمد حدثا مطور ، لكنه بالمجمل لم يكتب مسرحيات ذات اطار تجميعي مفهومي مكون من عدة قصص صغيرة ، و يعد مثال غازي واحد من اهم كتاب المسرح في العراق اليوم ، هو الحاصل على دكتوراه في المسرح ، له عدة جوائز اهمها ( الشارقة 2004 ، و محمود تيمور ( الوصافة ) 2001و افضل مؤلف مهرجان المنتدى 1996 و جائزة الأبداع وزارة الثقافة العراقية 2010 و اخرى .
و النص يتحدث عن حدث في منزل ضابط عراقي طاعن في السن ، افلح في البقاء حيا طيلة الحروب المستمرة منذ اربعين عاما تقريبا و قد شارك فيها كلها دون تمييز ، و لم يذكر النص في اي جانب قاتل ، لأن كثير ممن قاتلوا على جبهات متقابلة بوصفهم اعداء في الماضي ، يعملون معا و على جبهة واحدة اليوم و هذا التباس عقائدي لم يتورط النص في مناقشته مثلا ، بل قدم الشخصية على انها شخصية سلبية تحرض على استمرار القتال و الحرب بوصفه حلا سحريا لكل المشاكل و بسبب اراءه هذه لم يبق من اولاده الكثيرين في المنزل الا صورهم ، ( حوار الجدة : تناسلت هذه الصور ، صور الأموات على الحائط ) ، اي كثرت بسبب من فقدهم جميعا بسبب دفعهم للمشاركة في الحرب ، اذن الصور بالأضافة اليه و زوجته الجده و حفيدا لهم لم يعطياه اسما بقي على قيد الحياة صدفة ( و هي رؤية صادمة غير طبيعية للفكرة ) لا يمكن ان تصدق لكنها ممكنة الحدوث ،و هؤلاء هم كل سكان البيت . و ينبغي ملاحظة ان الفرق ( واهي ، صغير ، خط ) ما بين اللا معقول او فوق الواقع ، و ما بين الحدوث في الواقع بطريقة صعبة الحدوث او شبه المستحيلة لكن يعقل حدوثها مثل عدم اعطاء اسم للحفيد ، و لكن ما لا يعقل هو ربط بقاءه على قيد الحياة بعدم حصوله على اسم ، ( و ما يرتبط بفلسفة العجائز ) .
و تذهب شخصيات النص الى اختزال المواضيع اليومية المتداولة و تحويلها الى مواضيع شمولية بأطار يومي مستخدما اللغة العربية الفصحى في التخاطب ، مع ادخال كلمات شعبية عراقية كثيرة على النص الفصيح ، ادخلت لأيصال المعنى و لم تستخدم للكسر و الدهشة لأن هناك كلمات محلية متداولة لا تفهم الا في اطارها مثل ( غرندايزر) (3 ) على لسان الممثلة ( د . عواطف نعيم ) ( 4 ) و ( خرده ، تسرحهم بالكنافذ ) على لسان الممثل ( عزيز خيون ) ( 5). و ( كل هالطول و سابق ) لـ ( يحيى ابراهيم ) (6 ) .. الخ من كلمات و جمل شعبية اخرى في النص .
و هذه الشخصيات تنبع من تأسيس بيئة و مجتمع صغير مشابه للواقع القائم عبر تقسيم سكان البيت ال ثلاث شخصيات ( نماذج ) هي : –
1- الجد : – ( الضابط ) و هو يمثل الأفكار التي يدينها العرض ، و خطابه متطرف رجعي عصبي نفعي . لا يؤمن الا بنفسه و مصالحه ، و غاياته التي تبرر وسائله .
2- الجدة : – زوجته التي تختلف معه تمثل الحياة الفطرية و فلسفة العجائز و الأمهات البسيطات المتمسكة بالحياة .
3- الحفيد : – حفيدهما الباقي و هو بلا هوية و لا فلسفة و لا اسم و لا ذاكرة ، هو المستقبل المجهول
و شخصية الجد وصولية نفعية شمولية تعتاش على دماء الأخرين و هي رمز لفئة من الناس لا عقيدة لها في الحقيقة لكنها تتجدد بأن تقبض روحا و تلبس رداءا جديدا كل فترة ما يعادل موتها و موت مرحلة من حياتها ، مستغلا ظروف الفترة ، و هؤلاء على استعداد لفعل اي شيء من اجل اهدافهم ( الكذب ، القتل ، الخيانة .. الخ ) و لقد احرق الجد على هذا ، الماضي في الحروب ، و افرغ الحاضر من معناه و قدم الخواء بديلا له ، لأن مسببات الحياة و عناصر الحياة ( الأنسان ) اختفوا في الحروب و هكذا تحول الحاضر الى ذكريات حزينة ، و لم يبق امامنا سوى المستقبل الذي يجب ان نغيره بالأنفتاح على العالم و هنا يبرز الصراع ما بين من يدافع عن الماضي ( السلف ) بكل اشكاله ( السياسي ، الديني .. ) و كل هذه القيم بوصفها ( ارث ) و هم بهذا في حضيرة واحدة و بين دعاة الأنفتاح على الحياة و تغيير العقائد البالية املا بمستقبل مختلف ، و الا فأن الحفيد = المستقبل لن يكون له وجود على هذه الأرض ، و سيتحول الى لقلق ، و اللقلق طائر ترى اعشاشه بشكل واضح فوق مأذن الجوامع و قباب الكنائس العالية و ابراج الكهرباء ، و دائما ما يستبشر به الناس لأنه دليل حيوي على مناخ معتدل و توفر الغذاء ، لكن اهم ما يميزه هو هجرته الدائمة الى حيث المناخ المعتدل ( و التحول الى لقلق هي فكرة رمزية غير معقولة ايضا ) ، و هذه هي حصيلة الحرب . ثم يقدم نص العرض رؤيته التي تتأسس على ان معطيات العولمة تدمر اليوم ما بقى بوصفها سلاح في الحرب التي تلاحقنا عبر شاشات الميديا . ان هناك حرب قادمة = رائحة حرب اذا لم نعالج هذه الأفكار ( الأرث البالي ) فأن من سيتبقى من الناس سيتحولون ان عاجلا او اجلا ( و خصوصا الشباب ) جميعا الى لقالق . ( 7)
ان اهم ما يدعو اليه النص هو الفكرة التي تلي التنبؤ بحدوث الحرب ، فمجيء حرب كبيرة بعد انهاك الحروب الماضية يعني ان الحرب التالية ستقضي على من تبقى ممن بقوا على قيد الحياة صدفة ، و هنا نقف لبرهة لنتأمل نتائج هذه الواقعة ان وقعت ( الحرب ) و هي احتمالات ايضا و هي : –
1- هروب المقاتل و خسارة الأرض بوصفها الحاضر و الماضي و المستقبل
2- خوض الحرب و خسارتها و الموت و هلاك الحرث و النسل تماما
3- الأستسلام و الرضى بما يجود به المنتصر ( العدو = الخضوع )
4- الأنتصار و الوقوع من جديد بفكرة التحدي و خوض الحرب و افكار السلف
او تفاديها بالأنفتاح على افكار جديدة تماما و على الحياة ، و تدمير اسبابها و تغيير ثقافة التحدي الذكورية التي هي في كثير من مفاصلها غباء ( و لا يمكن القول ان كل اشكال التحدي غباء ، فأثبات القوة بالثبات يعني ضمان توقف الأعتداء و العدو في نقطة تقابلك ، و هي النقطة التي تسبق عدم خوض المعركة ، كونها ضامن لعدم اعتداء طرف على الأخر ، و تلك هي ما ندعوها بـ ( القدرات الدفاعية ) التي تختلف عن القدرات الهجومية بوصفها وسائل تفضح غايات مقتنيها ، و هنا تماما بين القوة الهادئة المدركة لحقيقة الموقف و المؤمنة بالدفاع و عدم الهجوم و بين الأنفتاح على الأخر يقع افضل موقع للبقاء قويا محصنا ، و ضامنا للبقاء بسلام ) دون حرب و لكن هناك اطراف ذكية يمكن وصفها بالعدو الصديق اذكى من افكار السلف الغبية ( مثل حلفاؤنا في العالم الغربي ) ، ابتكر هذا بدوره سلاحا خارقا ، و ذاك هو وسائل الأعلام الذكية ( الميديا ) = العولمة التي تخترق دفاعاتنا لتقدم تحشيد و استفزاز ذهني مبتكر يجعل الأخر خاويا متعبا مؤمنا بخسارة الحرب متى حدثت ليعيد البعض قسرا الى افكار السلف و لأعادة التفكير بالأنفتاح العقلي كونه خطأ ستراتيجي بينما يتمتع هو بكل هذه المزايا ( الأنفتاح ، و الهدوء ) ليظهر النموذج العصبي و المستفز و العشوائي بمظهر الأرهابي ، و النص لا يذكر هذه التفاصيل كما وردت على لسان الشخصيات و لكن العرض قدم نماذجا من وسائل الميديا المنعكسة كنماذج على السجن ( الأنغلاق ) و الأخبار و صور المعارك بوصفها ادوات تحفيز و شحن عصبي او اعلامي ( بروبكندا )

الشخصيات و الممثلين

و الممثلين الثلاث هم من نوع الممثلين الباحثين الذين يفكرون قبل التمثيل و اثناء التمثيل ، و اقصد انهم عكس نوع اخر من الممثلين المرتجلين ، و هؤلاء اذكياء لدرجة انك لن تشعر انهم يرتجلون بسبب من لماحيتهم و قدرتهم على خزن الحركات في الذاكرة ، و لكن سيفوتهم ما لم تخزنه الذاكرة ، بينما الممثل الباحث متجدد ، محب للتعلم و الأستزادة ، و ملء ذاكرته التي يفرغها بعد كل تجربة .

عزيز خيون
يؤدي شخصية الجد ، و المخرج و الممثل ( عزيز خيون ) واحدا من رواد المسرح العراقي اليوم ، و هو من القلائل المستمرين منهم و بتميز ، لم يهبط الى قرب حد القبول يوما ، فكان طيلة سيرته اعلى من هذا المستوى ، ( و هذا ما خزنته في ذاكرتي عنه ) و بأعتقادي ان هذا التميز قائم على طريقته المتفردة في التعامل مع شخصياته ، و هذه الطريقة تعتمد على انشاء سيرة و خط زمن للشخصية و السيرة هي البناء الحركي ( الكاركتر ) و شكل و دوافع الشخصية و مميزاتها ، و اقصد بخط الزمن هو توزيع الجهد و الحيل على العرض بحسب زمن ظهور الشخصية ، و لهذا فهو دائما مميز على المسرح . الا ان اهم ما يميزه هو اهتمامه بالأضافات الصغيرة على الشخصية عادة و هو ما اسماه برشت الجست و يعني اللمسة التي تزيد المصداقية و تميز الشخصية عن مثيلاتها مثل : –
1- الأضافات على النظام الحركي للشخصية ( حركة كبير السن ) و شعره الطويل الغير مصفف
2- السعال عند الفجر
3- النوم اثناء الجلوس او السكون
4- لدى عزيز خيون القدرة على شد عضلاته و البقاء جالسا كتمثال ، و هو تكوين جمالي يؤدي الى شكل مميز ، لا يستطيع اي ممثل اداءه الا بالتمرين . و حالات اخرى .
و قد سبق للممثل ( عزيز خيون ) و الممثل ( يحيى ابراهيم ) ان التقوا مع المخرج ( عماد محمد ) ( 8) في عرض مسرحي واحد هو ( عربانة ) ، واعتقد انهما كل على انفراد يمتلكان القدرة على محاكاة قدرات الممثل الشريك .
ان نموذج الجد في حقيقته شخصية بسيطة تؤمن بالفوز فقط ، و لا تستسيغ الخسارة ابدا ، و هذا نابع من الأنانية البحتة و حب الذات ، فالأيمان بالفوز حول حياته اليومية نفسها الى معارك ، و يمكن اكتشاف نماذج له في الحياة اليومية بسهوله فنحن نجده ، يسبق الأخرين الى الأكل ، الى الحمام ، الى افضل فراش ، الى سباق الأخرين في الشارع ( سباق السيارات وسط الزحام ) ، الى اكثر قدر ممكن من الأشياء .. الخ ، و هذا الأنسان يستخدم السرعة و السرقة ان استطاع و الحيطة و الحذر و اي وسيلة ممكنة لتحقيق الفوز ، و منهم من يحلم بالقوة و سطوة الدولة ، و متى ما سيطر فيها صار ذلك سببا لأخضاع الأخرين لا خدمتهم . فيطالبهم بما يشتهي استنادا الى قوته ، حصته في المشاريع و سرقة المال العام ، و تصفية حساباته الشخصية بأسم الدولة . و اي وسيلة ممكنه تجعله فائزا .. و اخيرا يقاتل ، المهم الفوز .
و النموذج الجد هنا ايضا يناقش و يجادل و متى حاصره النقاش و شعر بأنه خاسر في المحادثة لجأ الى السب و الشتم كوسيلة للتخلص و لأثبات وجهة نظره مثل ( حيزبون ، خردة .. الخ ) كوسائل ليفوز بها ، و هو يستخدم وسائل اخرى متوفرة دائما لتحقيق غاياته قبل المعركة التي قد تؤدي الى الموت ، و كلها بالنسبة له وسائل معركة مثل: –
1- المقدس : كأستخدامه الأسلام وسيلة لتحقيق غاياته ، و هو في هذا عكس المؤمن الذي يتخذ من الأسلام غاية حياته فأنه يوجه علاقته بالله الى الناحية التي تخدم مصالحه و الدليل انه يدخل في الصلاة ثم يقطعها عدة مرات و كأنها واجب انساني ، بينما هي واجب الهي ، و انقطاع عن اليومي و توجه الى الخالق المطلق . بل يستخدم القرأن نفسه و اركان الأسلام كأدلة و حجج و رقى و قناعات و ما يحلو له ، حسب معناها و موقعها من الحديث و حسب حاجته اليها في حياته و قد استخدم الأيات القرأنية و الأشكال الدينية الاتية : –
أ‌- يا حي يا قيوم
ب‌- خطوات الصلاة ( استقيموا يرحمكم الله
ت‌- ما انزلنا عليك القرأن لتشقى
ث‌- و جعلنا من بين ايديهم سدا و من خلفهم سدا
ج‌- اعدوا لهم ما استطعتم من قوة
ح‌- اذا جاء نصر الله و الفتح
خ‌- قل يا ايها الكافرون
د‌- يا ايها الذين امنو
ذ‌- جنات تجري من تحتها الأنهار
2- الغير معقول : موافقته على عدم حصول الحفيد على اسم مثلا ليبقى على قيد الحياة ، و هي و ان كانت وسيلة محافظة على حياة الحفيد عند الجدة ، فهي وسيلة للفوز بالحفيد لدى الجد
3- الأجرامي : مثل قتله لأقاربه و استخدامه دمه في تبريد بندقيته .
4- الرخيص : مثل تعليماته لحفيده بوصفها اشياء يؤمن بها و هي كالأتي : –
1- ان لا تمتلك في الشأن العام
2- ان يكون لك ذكاء لغوي بهلوانيات ( تسرحهم بالكنافذ )
3- ان تتمتع بقدرة استثنائية على بناء تحالفات للضرر بالأخرين
4- ان تبيع قوت الأخرين
5- ان تعرف كيف تغازل السلطة و المعارضة لتحسين فرصك
6- ان تشم بسرعة رائحة انتهاء المعركة و في اللحظة الأخيرة تندفع لجمع الغنائم و تصبح شاتما كل من تركوا القتال
7- تجنب المشي في المقدمة و حينما تخذلك اصبعك بالضغط على الزناد استخدم قدميك في الهرب ( افلت ) و لكي تضمن حياتك حينما تحاصر البس تحت ملابسك شيئا من البياض ، قدم حياتك على موتك
و كل الوسائل ، اي انه يحاول الفوز بقدرته ، فأن لم يستطع ينتقد الأخر و يسيء اليه و يشيع ضده ما يضربه ، فأن لم يستطع يحاول ضربة و غدره ، فأن لم يستطع يقاتله و يواجهه اخيرا . و هذا النموذج ان وصل الى سدة الحكم فأنه سيقود شعبه حتما الى الحرب . و بهذا فهو برغماتي لا صاحب مبدأ يؤمن بعقيدة و مبدأه هو العب بما تغلب به حتى لو كانت الوسيلة وسخة . و طبعا لا اخلاق في هذه الطريقة .
و علاقة الجد مع الموت غريبة فقد ارغم عائلته على مجاورة المقبرة و السكن قربها ، و لا علاقة عمل و لا مصلحة معروفة لهم في مجاورة المقبرة ، و هنا نجد ان الجدة تهزأ بمجاورتهم للمقبرة ما يعني انه قرار لا حيلة لها فيه ، و بهذا يكون الجد هو من ابقى العائلة قرب جيرانها من الأموات ، لأن الحفيد مغلوب على امره في قرارات تخص العائلة ، فهل دفن الجد في المقبرة ضحاياه ؟ ام بقايا عائلته ؟ . و هو بهذا يتناقض مع خوفه من الموت بسبب خوفه من التراب ، و ذلك لأنه يعي انه سيدفن اخيرا في التراب . رغم انه لا يعلن ذلك علنا الا انه يخاف ارواح قتلاه التي تطارده و ترعبه و تقلق منامه ، و هو عمليا يعيش رعبا مستمرا نابع من عدم ثقته بكل من حوله لأنه خان ثقتهم في يوم ما و ثقة كثير ممن عرفهم ان لم يكن كلهم . بمعنى انه يخاف ان يرد احدهم صدفة ما فعله بالأخرين .
حتى انه في كل مرة يقرأ الفاتحة على روح احدهم او لسبب اخر و قد زادت في العرض عدد مرات قراءة الفاتحة الى عشرة ، فأنه يعلن ميتة تلو الأخرى و قد تكون ارواحه او عدد المرات التي مات فيها ، و كأنه يجلس في مجلس عزاء . و السؤال هو بعد حياته الصاخبة ايكون قد مات فعلا ؟ و السبب هو انقطاع اسبابه الشخصية على التواصل مع الحياة ، انه يتواصل مع الموت و بفخر .. و فاقد الحياة ميت . و الدليل سؤال الجد لحفيده ( هل انا حي ؟ فيرد الحفيد لا يا جدي انت ميت منذ زمن بعيد )
و يستخدم الجد كل وسائل الأقناع الممكنة ، تلك التي يفهمها العامة ، ليضعها في مسار يومه ، اذ يهمه الفكرة التي يكونها الأخرون عنه ، مثل استخدام بعض التصرفات الهستيرية كأنه هائم في عالم الدين ، و الدروشة ، و كثير منها يعطي انطباعا بأنه شخصية ذات عقيدة .. لكنه في الحقيقة عكس ذلك يبحث عن الفوز فقط .. و بأي وسيلة .

عواطف نعيم
يتضح اسلوب اداء الممثلة ( د .عواطف نعيم ) كونه اداء تقديمي و لكنه اداء مطور بسبب قدرتها على التحليل و تفسير الحالة المفردة داخل الشخصية كونها باحثة ومؤلفة و مخرجة ، و هي تحاول عدم ترك شيء للصدفة ، و تؤسس للحالات معاني و تضعها في مسار معناها الصحيح ، و لذا فأنها دائما ما تتقرب من الأداء النفسي و لا تدخل فيه و تبقى منبسطة حاضرة تشعرك عند التلقي بأنها تشرح لك شيئا ، و الحصيلة من تمثيلها دائما مميزة . بسبب وضوح مخارج الحروف ، و قدرتها المميزة كبصمة على التلوين ، ما يجعل من التلقي معها تلقي خاص و مميز .
و تمثل شخصية الجدة السلف الأخر التي تحول الحياة الى ملحمة عبر استخدام الحياة نفسها ثم تنتقي منها اساطيرها ، و احداث حياتها تفسر حدوثها على اساس خبرتها الملحمية هذه النابعة من تاريخ هذه الخبرة الأنسانية ، و عادة هي تفسيرات ما ورائية تضرب عميقا في الماضي لتقدم حلولا جاهزة منه ، و بهذا هي غير مقنعة لحفيدها ايضا ، رغم انه يتعاطف معها ، و رغم ذلك فأن خبرتها هذه تدفعها لحب الحياة انطلاقا من كم الأنبعاثات ( الولادات ) و ( الوفيات ) التي رأتها و هي خسارات و هكذا يبدو سؤالها منطقيا ( بالموت ندافع عن الأمة و ماذا عن الحياة ) و من هذا هي الأم التي تخاف على اولادها، لكنها فقدتهم للأسف ( و حفيدها اخرهم ) لذا هي تريد استبدال حياتها بمماتهم املا بأن يعودوا و لن يحدث ذلك .
و الجدة هي رفيقة درب الجد ، و هي من عايشته في صولاته و جولاته ، و تلقت كل الفواجع التي جلبتها لهم الحروب ، كان لها اولاد كثيرون فقدتهم جميعا في الحروب التي ساهمت ثقافة الجد في فقدانهم فيها ، و قد اوهمهم بمجد زائف لم يحصلوا عليه ، ما جعلها تفقد الأيمان بزوجها و افكاره ، الأمر الذي ادى الى خلاف جوهري بينهما فيما يتعلق بالحفيد .
و يتضح تأثير فلسفة العجائز او تفكير الأم العاطفي عندما تقرر ان لا يحصل المولود على اسم ( الحفيد ) لأنها تخاف الأرواح الشريرة ان تأخذه الى عالم الموت ( اننا فضلنا بقاءك بلا اسم كي تعيش ) و عادة ما يسمون المولود بأسم مكروه كي تتركه الأرواح الشريرة كما يعتقدون ، و هو اعتقاد ضارب في القدم يصل ربما الى تقاليد وثنية .
و تراها انطلاقا من هذا التفسير تحس بشيء غريب ، و تشم رائحة لم تعرف ماهيتها ؟ و هو انذار بخطر ، لأن المجهول دائما غير مفهوم ، و كل مجهول مستفز يشعرنا بالتوتر بسبب من عدم قدرتنا على معرفته او توقع حدوثه ما ينتهي دائما الى انقطاع بالعلاقة معه قبل لقاءه .. ثم تفسر سبب عدم معرفتها هذه الرائحة انطلاقا من احساسها الدفين بالأشياء و قدرتها الفائقة على التوقع و التبصر بأنها و ان لم تعرف هذه الرائحة ، و ان لم تجد في جعبتها شيء يفسر هذه الحالة رغم خبرتها الطويلة بالحروب بسبب سلبها اولادها تباعا ، فأن هذا القادم اقذر من الماضي لذا فهي تطلب من حفيدها فتح النوافذ … و فتح النوافذ هذا نابع من حاجتها الى الحرية و تغيير المزاج العكر الذي لا يساعد على التفكير ، و هي اشارة ايضا الى ضرورة تغيير المزاج العام و طريقة التفكير المغلقة بأخرى اكثر هدوءا و اكثر استرخاءا قائمة على التأمل و الهدوء ، نظرا لقدرة هذه الطريقة على تحسين حالة التفكير و حل الأمور بطريقة افضل ، اما الجد الذي يمتلك بدوره خبرة طويلة في اشعال فتيل الأزمات يدرك خطورة هذه الطريقة على مصالحه فيحاول عرقلة عملية فتح الشبابيك بأن يحافظ على غلقها لأنه غير قادر على مواصلة دفع الأخرين الى الخطأ في ظل الأنفتاح ، و ابقاء المزاج العكر و الهواء الفاسد داخل البيت ( الرمز = الوطن )
كما و تدفع الجدة حفيدها ليفكر في الحياة و يختار طريقه فيها ، و هي تقدم له سلسلة من الأدلة التي تثبت وجود خلل فيما يقدمه له من نصائح ، و الأدلة هي احداث من تاريخ العائلة ، من ذاكرتهم التي تتشارك و ذاكرة الحفيد القصيرة ، عن عمه الذي احبه في السجن العسكري ( بسبب هروبه من الخدمة العسكرية لأنه يكره الحرب ) و الى صور اعمامه و اقاربه التي تناسلت على الحائط و هم جميعا اموات بسبب ايمانهم ( بالحرب كوسيلة للحياة ) و النتيجة انهم ماتوا ، و هنا تقف ندا للجد الذي يحاول تربية هذا الحفيد بنفس الطريقة ، لتدفع حفيدها نحو الأتجاه الأخر ليدافع عن نفسه بالحياة لا بالحرب .
يحيى ابراهيم
يعد يحيى ابراهيم واحدا من جيل الشباب الذين ظهروا بحدود الأعوام ( 1998 – 2000 ) و هذا يعني انه تدرج سلم العمل الفني ، و لم يتميز صدفة او بسرعة ، قدم اعمالا متميزة متوالية ، و يتميز الممثل ( يحيى ابراهيم ) بعمله خط زمن للشخصية ( كنت قد اشرت الى هذه الفكرة اعلاه ) فتراه يوزع جهده و افكاره على المسرح طيلة زمن الشخصية في التلقي . كما انه يتمتع بقدر من اللياقة البدنية تفوق اقرانه و زملائه ، و اللياقة البدنية هي امر يفتقده اكثر ممثلي الفرقة الوطنية اليوم بسبب من كبر العمر الوظيفي من جهة ، و عدم وجود تمارين منهجية لهذا الغرض ، لذا فأن العروض التي تحتاج الى جهد بدني تضطر الى اللجوء الى شباب من طلاب المعاهد الفنية او كلية الفنون .
و من الملاحظ ان الممثل ( يحيى ابراهيم ) كان قد تعاون مع المخرج ( عماد محمد ) في ثلاث عروض حتى الأن ( رائحة حرب و من قبل عربانة ، و تحت الصفر )
و الشخصية هي الحفيد = المستقبل الذي بحاجة الى الأرشاد ممن سبقوه من الثقاة في هذه الحياة ( اهله ، محبوه ) ، فتراه يقلد الجد في البداية و يحاول السير على خطاه ، الذي يحاول دفعه الى الحياة بوصفها غابة و العيش داخلها لذا يحتاج الى خبرة المعارك و من الوسائل الحرب و افتراس الأخرين ، و تلك هي وسائل العقل ، بينما تدعوه الجدة الى الأيمان بالحدس و الحس و الأيمان بالحياة و الأستماع الى صوتها و رغم انه يميل فعلا ناحية جدته مع مرور الوقت ، الا ان تأثير الجد يسبب له الكثير من الألتباس ما يجعله حائرا في اختيار طريقه بسبب من قلة خبرته و عدم نضوجه ، و النضوج يحتاج الى تجارب في الحياة ، و تجارب الحياة تحتاج الى بيئة من الأستقرار لتداول الحياة ، و هذه البيئة مفقودة فهو مسجون عمليا في المنزل حتى النوافذ ممنوع فتحها ، لذا يقرر اولا ان يبحث عن بيئة مناسبة للعيش . و هنا يؤكد تلبسه لباس اللقلق و توحده مع هذا الطائر حواره ( اقف على ساق واحدة ، مثلما يقف اللقلق ) و اللقلق طائر مهاجر ( كما ذكرت ، يتميز بطول ساقيه و كبر اجنحته ) ، ثم يسئل اي الطريقين اصلح للوجود .
السينوغرافيا – السينوغراف ( سهيل نجم ) (9 )
اتخذ شكل المنظر الساكن في العمق شكل الخلفية و منح التكامل مع فكرة المنزل الغير فقير بسبب نسق الخطوط الهندسي المتجه و المستطيلات المكتملة الذي اضفى شعورا بالتحديد ما يوحي بوجود حدود بداية و نهاية و هو امر يحدد التفكير فلا يتشعب ما سمح بالتركيز على الأحداث المتحركة على الخشبة و قد استخدم المخرج هذا المنظر عدة مرات ووظفه لكن لم تصل الى درجة تثوير الشكل مثل : –
1- تحريك كواليس عدة مرات عملت عند السكون دور المكمل على اثاث المنزل ( برفانات )
2- عكس المخرج عدة من الصور و الأفلام المنعكسة على اماكن مخصصة في المنظر عملت عمل التلفزيون في المنزل + افلام كرافيك متحركة مجردة تداخلت مع المنظر مثل المسبحة المتحركة و دخول الشخصية في الأخبار و مسير الجد على السجادة الحمراء .. الخ
3- ساهم المنظر عبر عدة وسائل محمولة بأسلاك عبر هيرسات تنزل من فضاء المسرح مثل غرفة النوم و زاوية النظر المختلفة و مسبحة رجل الدين التي يتعامل معها الممثل ( عزيز خيون )
4- اجهزة اضاءة زرقاء و الوان اخرى سلويد اكملت جمالية المنظر و لم تستخدم للأضاءة فقط

المخرج – عماد محمد
يتميز المخرج ( عماد محمد ) عن غيره من المخرجين كونه يركب اعماله من مزيج تجميعي من داخل النص و خارجه ثم يوظفه حسب الحاجة الى ذلك على خط الزمن في عملية تركيبية شاملة ، كما يقوم ايضا بتركيب التكوين على المساحة املا بالحصول على بيئة غير مألوفة تخلق جو لعبة مسرحية ، و ما دام يشتغل على التركيب بلا قوانين بهذه الطريقة فهو يمتلك نصا خاصا به غير نص المؤلف يقوم بالأشتغال عليه قبل و اثناء البروفات و يمكن الأنتباه الى ان رائحة حرب تختلف عن اعمال المخرج (عماد محمد ) الأخيرة ( عربانة ، الصدر الأول ، مظفر النواب ) لأنه يقدم في هذا العرض بيئة لمنظر مكاني ( بناء كامل ) ثابت يختلف عن اللامكان او الأماكن المتعددة في الفراغ في عروضه السابقة ، و اعتماده على مفهوم مجرد سابقا لتقديمه في اطار ملحمي وثائقي ، الا ان التحول لديه ابتدأ في مسرحية عربانة لأنها تقدم قصة عن جانب مفهومي في حياة الأنسان و هو ذات الحال في رائحة حرب ، ما يجعله تطورا في معالجته المفهوم بين انساني مجرد ( بلا قصة ، احداث فقط ) في السابق و مسند بقصة انسانية اخيرا . الا انه يبقي على الوثائق المعكوسة على السايكلوراما و التي تعد سمة ملازمة له في السنوات الأخيرة .
لذا فأن رائحة حرب بوصفها تطور في التحول في المنظر لدى المخرج ( عماد محمد ) الذي ابتدأ في عربانة على شكل النص ، اكدت تحول المفردات الأخراجية لديه ايضا من اعتماده على ( مداخل متعددة للمفهوم + قصص متعددة داخل العرض تؤدي الى المفهوم ) او ( مسرحية وثائقية ) تسندها دائما الوثائق المنعكسة في كل اعماله المتأخرة الى ( قصة عن جانب مفهومي انساني واحدة + مداخل متعددة للمفهوم تسند القصة ) مع اسناد وثائقي منعكس ، و هي طريقة تسند الأختزال في العرض الذي يؤدي الى تلقي افضل يقلل التشتت .
و لا جدال ان عملية لصق الأفلام و النماذج المصورة بالعرض المسرحي يؤدي الى عرض تجميعي ( كولاج ) و ” الكولاج هو لصق مادة حقيقية مألوفة في وسط مغاير مألوف لينتج تكوين فني جمالي غير مألوف يشكل صدمة عند التلقي .” ( 10 )
و قد تركز الأخراج على : –
1- عزل حالات ادائية بين ممثلين او ثلاثة و اعادة تركيبها و هي لحظات تأزم مصطنعة بين الممثلين تخلق حدثا غير معتاد يمتد لدقيقة او اكثر او اقل ادت وظيفة في الزمن و صفها بأي اسبقية على خط الزمن يعني حصول المتلقي على تنوع في التلقي و هذه الاحداث من التأزم لا تؤدي وظيفة او توصل معنى بالضرورة ، فغاية التنوع و التغيير الدائم كافية لأنها بالمجمل تحقق المتعة في التلقي و من هذه الأحداث : –
أ‌- من كثرة تكرار هذه الفكرة ( سرد الذكريات العراقية و سرد الوقائع ) اختارت رائحة حرب المغايرة عن طريق السخرية من الذكريات التي لم يعد يجدي تكرارها ، حتى صارت الألام تضحكنا .. فالممثل ( عزيز خيون ) يعزف عل الطار و الممثل ( يحيى ابراهيم ) يرقص و يسرد هذه العناوين ( تحرير الكويت ، احتلال الكويت ، خيمة صفوان ، الحصار ، الجوع ، شاركنا الحواوين ، صعد السوك ، نزل السوك ، ام المعارك ، الطائفية ، القاعدة ، المظاهرات ، باسم الدين باكونه الحرامية ) .. الخ و تتهكم الممثلة ( د . عواطف نعيم ) ( رشو مي شو مي ) كما فعلنا بعد نهاية كل حرب .. و كان هذا مشهدا ادائيا مؤثرا . و حتى في هذا المشهد يطبل الجد للأحداث الدموية بينما يموت نموذج شاب .
ب‌- كما هي العادة دائما يظل مسببو الحروب في امان بينما يخوضها الأحرار ( المصدقون ) ، يبقى الجد في اكثر الأماكن امانا في قعر الملجأ بينما يتوسط الأحرار الموقف وسط الملجأ ما بين القائد و الضحية ، و اخيرا يضحي بحياتهم البسطاء و الضعفاء و قليلو الخبرة و جلهم من الشباب خارج الملجأ في منطقة الحرام ، و كل هذا يحدث في مشهد ( كما يحدث في الواقع تماما ) لملجأ في الجبهة حوله جنود محاصرين و العدو يحصد بالجنود بينما الجد هو القائد اسفل الملجأ في امان و في الخارج يقف الشاب ( الحفيد ) ينقل لهم احداث المعركة وسط رفاقه الشبان الذين يموتون تباعا و الحفيد ينقل الواقع في الخارج و يحصي الموتى من ( 1 الى الف الفان .. الخ ) و هذا هو حال كل الحروب التي عرفناها و عشناها ( يبقى مسبب الحرب هناك في الخلف بأمان ) و في المقدمة على الجبهة يموت الشباب من الأحفاد .. و الجد يرفع صوته في المعركة لا بد من الخسائر ..
ت‌- تمرين شهيق و زفير للأسترخاء بين الجد و حفيده يتحول بفعل التكرار الى لعبة بنسق صوتي و حركي
ث‌- مقطع حركي يحيى في الوسط يرتكز عليه التكوين و يتحمل ثقل الحركة الأكبر ، و هم يتدافعون ( يتعاركون ) ، فكان جزءا على خط الزمن اجتزء من الحركة على نحو جمالي .
ج‌- في البداية مدخل موسيقي مقتضب لموسيقى مألوفة قوية و صوت طلقة يبدأ العرض . و الطلقة صنعت لتقتل و تستخدم في الحرب = لا سلام و ان لم تكن حربا .. و هي تعبر عن مانعيشه في العراق منذ سنين طويلة ما بين حرب و لا سلام . و ها قد انتهت حربا لتوها . و عادت حالة اللا سلام ، تكوينات اخبارية تنعكس على شاشات ثلاثة و الممثلين يجلسون كمن يتابع الأخبار في المنزل ، الأخبار و القنوات التلفزيونية ووسائل الميديا ، السلاح الأهم في تأجيج سوء الفهم .
2- استخدم المخرج الصور و الأفلام الأتية : –
أ‌- في النهاية نسمع موسيقى ملحمية و فيلما لطيور لقالق تطير لتهاجر و ذلك لتأكيد الفكرة التي يصرح بها العرض ان الأحفاد ( الشباب ) يهاجرون لأنهم لم يعودوا يطيقون ثقافة الموت او مواجهته .
ب‌- استخدم العرض اشكالا منعكسة معالجة بالكرافيك لتحويلها الى رموز مثل ( شاهول مسبحة او مبخرة ) و هي رمز الدين و تطور و تجريد لأستخدام الأشكال المنعكسة بدلا من فيلم كثير التفاصيل او صورة ساكنة للدلالة على المفهوم بدل شرحه .
ت‌- انعكاس مع الممثل ( عزيز خيون ) و هو يمشي على سجادة حمراء منعكسة ثم يمسك بمسبحة ضخمة رمز للدين و هو شكل جديد بلباس الدين لأمراء الحرب .
ث‌- التلفزيون ينقل احداث القتال و يحيى وسط الأنعكاس بينما يجلس الممثل ( عزيز خيون ) و الممثلة ( د . عواطف نعيم ) امام الشاشة تحت المظلات بأمان يتفرجون على القتال ( الشباب يموتون في المعركة ) و الأجداد سبب المعركة بأمان .
ج‌- انعكاس النجوم و الليل و تحويل زاوية النظر الى مسقط رأسي يقابل المتلقي فبدا و كأننا ننظر الى الممثلين من السماء ( بأن وقف الممثلين و اتموا الأيهام بفراش وسائد و اغطية تهبط من الهيرسات ) و كانت صورة تشكيلية جميلة لا تحتوي على منظور لأن النجوم خلف ظهور النيام و السماء امامهم و لكن زاوية النظر في المسرح فرضت التكوين بهذه الصورة و قد اكتمل الأيهام في هذا المشهد اللامألوف
ح‌- انعكاس لصورة ساكنة لسجن و هو الحال عكس الانفتاح على الأخرين و فتح النوافذ ( سجن التخلف و التمسك بالعادات البالية و الكذب و الحيلة و المصلحة .. الخ ) و اهمها استغلال الحق ( الدين ) للوصول الى الباطل بأشكاله
3- استخدم المخرج في الموسيقى اغاني و تلاوة للقرأن الكريم و تستخدم الأغاني و الأيات القرأنية بوصفها ملصقات ( كولاج ) ايضا ، لأنها تامة المعنى و من سياق اخر ، و تستخدم لأضافة معنى لا تكفي وسائل الحوار المعتادة لأيصاله و قد استخدم الأغنية الريفية الجنوبية هنا كبصمة للدلالة على منطقة جغرافية مكان الحدوث ( الجنوب العراقي ) للأشارة الى ( شهداء الحشد و سبايكر الذين استشهدوا في جريمة طائفية و في القتال مع داعش ) و سورة يوسف للأشارة الى مجلس عزاء .
و بهذا يكون العرض قدم التمثيل و الصور المنعكسة ( الساكنة و المتحركة ) و المنظر الساكن الا من كالوسين متحركين و مسبحة ضخمة و اثاث النوم ، و قد انتج مسارات متجهة و ايقاع متجه و لم ينتج خطوط متقاطعة تذكر الا في دورات من الأحداث الصغيرة تتصاعد تارة ثم تعود الى ايقاعها المستقر ، و صعود للأيقاع بفعل مسار من التكرار في حوار ( رائحة الحرب ) و مسار الصور المنعكسة ( السجادة الحمراء و السجن و اخبار ) ، و هذا الأسلوب ولد انفصال احيانا ما بين المسارات ، و تلاحم متى ما تأجج التمثيل او انعكست صورة .

المؤشرات
1- الممثل الباحث متجدد ، محب للتعلم و الأستزادة ، و ملء ذاكرته التي يفرغها بعد كل تجربة .
2- ان عزيز خيون يتميز بالأضافات الصغيرة على الشخصية عادة و هو ما اسماه برشت الجست و يعني اللمسة التي تزيد المصداقية و تميز الشخصية
3- يتميز الممثلان ( عزيز خيون ) و ( يحيى ابراهيم ) كل على انفراد بقدرتهما على محاكاة قدرات الممثل الشريك .
4- ان الممثلة ( د .عواطف نعيم ) تؤدي اداءا تقديمي مطور بسبب قدرتها على التحليل . كما تتضح لديها مخارج الحروف ، ما يجعل اداءها الصوتي مميز كبصمة .
5- اللياقة البدنية هي امر يفتقده اكثر ممثلي الفرقة الوطنية اليوم بسبب من كبر العمر الوظيفي من جهة ، و عدم وجود تمارين منهجية لهذا الغرض .
6- يتميز المخرج ( عماد محمد ) بكونه يركب اعماله من مزيج تجميعي من داخل النص و خارجه ثم يوظفه حسب الحاجة على خط الزمن في عملية تركيبية شاملة
7- تعد الوثائق المعكوسة على السايكلوراما سمة ملازمة للمخرج عماد محمد .
8- ان عملية لصق الأفلام و النماذج المصورة بالعرض المسرحي يؤدي الى عرض تجميعي ( كولاج ) و ” الكولاج هو لصق مادة حقيقية مألوفة في وسط مغاير مألوف لينتج تكوين فني جمالي غير مألوف يشكل صدمة عند التلقي .”
9- تعد الأغاني و الأيات القرأنية ، ملصقات ( كولاج ) ايضا ، لأنها تامة المعنى و من سياق اخر ، و تستخدم لأضافة معنى لا تكفي وسائل الحوار المعتادة لأيصاله

1 – مثال غازي : – كاتب مسرحي عراقي ، ولد في بغداد 1967 ، له العديد من المؤلفات المنشورة ، دكتوراة فلسفة في المسرح ، شغل منصب مدير منتدى المسرح ، مدير الفرقة الوطنية . في دائرة السينما و المسرح .
2 – يوسف البحري : – قاص و سيناريست و كاتب مسرحي تونسي ، ولد في صفاقس ، له المسرحيات ( حقائب ، زنقة النساء ، الفخ ، رائحة حرب ) و صدر له رواية ( كيف كيف ) و قصص قصيرة بعنوان ( قصص تكتب مرتين )
3 – غرندايزر : شخصية كارتونية بطولية تأثرت بها الأجيال التي تمتعت بطفولتها و مراهقتها في ثمانينيات القرن الماضي .
4 – . عواطف نعيم ، مخرجة و مؤلفة و ممثلة عراقية ، دكتوراة مسرح ، من مؤلفاتها المسرحيات كنز من الملح ، لو ، بيت الأحزان ، مطر يمة ، و اخرى ، كما اخرجت العديد من المسرحيات منها بيت الأحزان، يا طيور ، و اخرى ، شغلت منصب معاون مدير دائرة السينما و المسرح .
5- عزيز خيون : مخرج و ممثل مسرحي عراقي ، مثل للمسرح و التلفزيون و السينما ، اخرج المسرحيات ، الف رحلة و رحلة ، مرحبا ايتها الطأنينة ، لو ، مطر يمة ، تقاسيم على نغم النوى ، و اخرى
6 – يحيى ابراهيم : ممثل مسرحي عراقي ، له العديد من الجوائز في التمثيل محليا و عربيا ، ماجستير مسرح
7- لقلق : ( ينظر شبكة الأنترنت العالمية ، ويكيبيديا )
8 – عماد محمد : مخرج مسرحي عراقي ، مثل العراق في كثير من المهرجانات العربية ، اخرج العديد من المسرحيات منها ( تحت الصفر ، عربانة ، مظفر النواي ، و اخرى
9- سهيل نجم : سينوغراف مسرحي عراقي ، صمم العديد من الأعمال المسرحية ، شغل مناصب مدير التقنيات و مدير الأنتاج في دائرة السينما و المسرح ، عدة مرات متفرقة .
10 – ظفار احمد المفرجي : الكولاج في المسرح ، كتاب غير مطبوع ، عن رسالة ماجستير مقدمة الى مجلس كلية الفنون جامعة بغداد ، 2015 .

مسرحية "سيادة النائب" صراع بين السلطة والمال

عبد الكريم برشيد: المسرحي ضمير المجتمع

مجلة الفنون المسرحية


عبد الكريم برشيد: المسرحي ضمير المجتمع

حاورته: سناء القويطي - الجزيرة

في منتصف عقده السابع، لا يزال الناقد والمسرحي المغربي عبد الكريم برشيد غارقا في هموم المسرح ومنحازا للإبداع وللسؤال المسرحي والفكري.

برشيد -المسكون بهاجس البحث والتنظير- أمضى عقودا في خدمة الركح، فألف حوالي ستين كتابا توزعت بين نصوص مسرحية وكتابات نقدية أغنت خزانة المسرح العربي، وتجاوزت الحدود العربية بعد ترجمتها إلى لغات أجنبية.

يرى عبد الكريم برشيد في حوار مع الجزيرة نت أن المسرح العربي الجاد كان دائما ضد الظلم والقهر، وضد تجار السياسة، وفي صف المنبوذين والمسحوقين، لافتا إلى ضعف السؤال الفكري والسياسي في مسرح اليوم بسبب انقضاء زمن الحرب الباردة وضعف القضية السياسية.

 بعد عقود من المسرح تأليفا وتنظيرا وإخراجا، كيف يرى عبد الكريم برشيد مسرح اليوم مغربيا وعربيا؟

بالتأكيد فإن مسرح اليوم ليس هو مسرح الأمس، لأن مغرب هذا اليوم هو غير ذلك المغرب الذي كان. لكن روح هذا المسرح وعموده الفقري ومساره الوجودي واحد، ومن المنطقي جدا أن يغير هذا المسرح المتغيرات، وأن يوسع المضامين، وأن يجدد التقنيات، وأن يعمق أسئلته ومسائله الفكرية والجمالية أكثر، وأن يستعير بعض المنهجيات، وأن ينفتح على كل مسارح العالم، وأن يتم كل ذلك في الحدود التي لا تخرجه من هويته، ومن غير أن يخون نفسه، أو أن يكون مسرح غيره.

في مسرح اليوم تيارات مسرحية متعددة، بعضها تراثي أصولي، وبعضها الآخر حداثي تجريبي، وبعضها الآخر تجاري ينتج الفرجة الخام لمن يريدها، وبعضها الآخر يمارس المهنة المسرحية بغير قلق وبغير سؤال مسرحي أو فكري.

وبالتأكيد فإن هذا المسرح قد ازداد اليوم غنى، وأصبحت المهنية فيه أقوى، ولكن روح الإبداع فيه أقل، والسؤال الفكري والسياسي فيه لم يعد بتلك القوة التي كان عليها من قبل، وهذا شيء طبيعي، فنحن لم نعد نحيا زمن الحرب الباردة، ولم نعد نحيا القضية السياسية بنفس تلك القوة التي كانت، والتي أعطت مسرحا ملتزما ومناضلا ومفكرا وحارا حرارة السياق التاريخي التي ساقته.

 أنتم من المنظرين للمسرح الاحتفالي، فما موقع هذا النمط المسرحي اليوم ضمن باقي الأنماط المسرحية الأخرى؟

ما يميز المسرح الاحتفالي هو أنه عرف نفسه وأدرك حدوده، وعرف أنه ليس منهجيات وتقنيات فقط، وأنه ليس بنيات مسرحية خالصة، وأنه ليس كتابات وفرجات مشهدية فقط، ولكنه أساسا نظام للعيش، وهو بهذا رؤية قبل كل شيء، وهو موقف فكري فلسفي أيضا. ونحن احتفاليون في عالم احتفالي، قبل أن يكون مسرحنا احتفاليا، ويهمنا أن نبدع فنا يشبهنا، وأن نكون صادقين في هذا المسرح، وأن نقول فيه وبه كل الذي ينبغي أن يقال.

ولقد آمنا بأن الاحتفال هو الأصل، وأكدنا دائما على أن الاحتفال الشعبي هو روح المسرح وهو أبوه أيضا، وأنه لا يمكن أن نحتفل نفس الاحتفال في لحظتين مختلفتين أو في مكانين مختلفين أو في عمرين مختلفين، وأكدنا على حيوية الفعل الاحتفالي وعلى راهنيته ولحظيته، وعلى أن لكل لحظة احتفالية حالاتها ومقاماتها وإيقاعها، ولها معجمها ومفرداتها التعبيرية المختلفة، ولها طقسها ومناخها الخاص.


وبهذا يكون هذا المسرح -في حقيقته- نظاما وجوديا واجتماعيا شاملا ومتكاملا، وفي هذا المسرح لا نريد أن نكون أكثر طبيعية من الطبيعة، أو أن نكون فيه أكثر واقعية من الواقع، ونؤكد في بياناتنا وفي كل أدبياتنا على أن فعل الاحتفال هو مجرد حجة.. حجة الإنسان الحي للتحرر من اليومي ومن إكراهات اليومي، وذلك من أجل أن يحيا أحسن، وأن يرى أحسن، وأن يتواصل ويتفاهم أحسن. ولأننا في هذا المسرح نكلم الناس الأحياء، فقد أكدنا على حيوية اللغة المسرحية وعلى حيوية التلاقي المسرحي، وبهذا فقد كان هذا المسرح الاحتفالي مختلفا ومخالفا، وكان أقرب إلى الناس، كان أقرب إلى إنسانية الإنسان وإلى حيوية الحياة وإلى مدنية المدينة.

ولولا كل هذا، فهل كان ممكنا لهذا المسرح أن يشع إشعاعه في كل العالم العربي، وأن يكون أصدق تجربة، وأن ترقى هذه التجربة لتصبح نظاما مسرحيا كاملا ومتكاملا.

 تستدعي في مسرحياتك شخوصا من التراث والتاريخ العربي مثل ابن الرومي وعنترة وعطيل وامرئ القيس، لماذا العودة إلى الماضي في كتاباتك المسرحية؟

أنا لا أعود في كتاباتي المسرحية للتاريخ، ولكن هذا التاريخ هو الذي يعود إلي، أو يعود إلينا جميعا، لدرجة أنه يسكن معنا ونحن لا ندري، أو أنه يقيم داخلنا من غير أن نشعر بذلك، فنحن مخلوقات تاريخية، وهذا التاريخ هو ذاكرتنا الجماعية التي نقتسمها، ولا أحد يبدع إلا انطلاقا من الصور التي تختزنها هذه الذاكرة الحية، ويخطئ من يظن أن التاريخ هو الماضي، وأن ذلك الذي نسميه الماضي يمكن أن يمضي، إلى أين، وكل شيء يدور مع هذا الزمن الدوار؟

وأنا في حياتي وفي حياة مسرحي وفكري لا أميز بين الماضي والحاضر، وكل الأبعاد الزمنية تلتقي عندي في هذه اللحظة الحية التي نسميها "الآن"، ومن شرفات هذا "الآن" أطل على ذلك الذي كان، وأطل على ذلك الذي سوف يكون، ولولا هذه الرؤية الواسعة والرحبة لكنت مجرد كاتب تقارير، أو مجرد إعلامي أو اخباري فقط.

 شهد العالم العربي في السنوات الأخيرة تحولات عميقة. أين المسرح العربي في هذه التحولات؟ وهل قدم جوابا عن الأسئلة التي تطرحها المرحلة؟

في التحولات التي شهدها العالم العربي هناك أشياء ملموسة ومحسوسة يمكن أن تراها العين المجردة، وقد عبرت عنها الصحافة ونقلها الإعلام المرئي والمسموع في حينها، وليست هذه من مهام المسرح في شيء.

المسرحي ليس مؤرخا، وليس إخباريا، وليس صحفيا، وليس سياسيا محترفا، ولكنه العين السحرية التي ترى الغائب والبعيد، وترى الوقائع قبل أن تقع، وهو المرصد الذي يرصد التقلبات النفسية والذهنية والوجدانية الخفية في المجتمع.

"
المسرحي ليس مؤرخا وليس إخباريا وليس صحفيا وليس سياسيا محترفا، ولكنه العين السحرية التي ترى الغائب والبعيد، وترى الوقائع قبل أن تقع
"
لهذا فهو لا ينقل الأحداث والوقائع التي وقعت، وليس من مهامه أن يعلق على تلك الوقائع، لأن الأساس هو أن يحسها أولا، وأن يعيها قبل أن تقع، وأن يكون قد تنبأ بها من قبل، وأن يكون بذلك ضمير مجتمعه وضمير لحظته التاريخية، وأن يكشف في إبداعه عن البعيد والغائب وعن الغامض والخفي، وأن يسلط الضوء على الجوانب المظلمة في الصور وفي المشاهد وفي المواقف الملتبسة، وأن يحرك الساكن، وأن يكلم الصامت، وأن يعبر عن المسكوت عنه، وأن يخوض في الممنوع والمحرم بجرأة العالم والفنان والصوفي والمناضل الوجودي، وأن يكون كل ذلك لفائدة الحق والحقيقة، ولحساب الآتي الممكن.

وأعتقد أن المسرح العربي الجاد في العقود الأخيرة قد قام بهذه المهمة أحسن قيام، وكان دائما ضد الظلم والقهر، وضد تجار السياسة، وضد المقامرة والمغامرة بأمن البلاد والعباد، وكان في صف المنبوذين والمسحوقين، ومنحازا إلى الجمال والكمال.

ولأن هذه الحقيقة قد تغيب عن كثير من الأذهان، فإنني أدعو المسرحيين اليوم إلى إعادة قراءة ما كتبه كتاب المسرح من قبل، وما أبدعه كبار المخرجين في مصر وسوريا والعراق ولبنان والمغرب والجزائر وتونس والسودان.. وسيجدون أن عين زرقاء اليمامة قد رأت من قبل كل شيء، وأنها قد استشعرت عن بعد كل هذا الذي نعيشه ونحياه اليوم، وأنها قد تكلمت ولم تصمت. ولكن، هل سمعها أولو الأمر؟ هل استوعبوا رؤيتها التنبئية؟ ذلك هو السؤال الذي ينبغي طرحه وإعادة طرحه في كل لحظة تاريخية.

 تخصص عدد من الدول العربية -من بينها المغرب- دعما ماليا للأعمال المسرحية، هل هذا الدعم في نظركم يخدم هذا الفن أم يفسده ويكبله؟

 دعم المسرح، كما دعم كل الفنون والآداب في كل المجتمعات الحية، هو جزء من مسؤوليات الدول والحكومات، لأن من أهداف المال العام أن يكون في خدمة المصلحة العامة.

وهذا المسرح -في معناه الحقيقي- ليس لهوا ولا مجرد تسلية، ولكنه شكل من أشكال التعليم والتربية ومن حفظ الصحة العقلية والنفسية في المجتمع، ونعرف أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، وأن الغذاء الوجداني والفكري والروحي لا يقل خطورة عن الغذاء المادي، وأن التعليم في المدارس وحده لا يكفي لبناء مجتمع سليم، ولبناء مواطن سليم.

لقد كنت أول من دعا إلى دعم الإبداع المسرحي، وكان ذلك في تلك الورقة التي أعددتها للمناظرة الوطنية للمسرح الاحترافي بمدينة الدار البيضاء في أوائل السبعينيات، ولقد أكدت دائما على أن هذا الدعم حق، وليس منحة ولا هبة ولا صدقة، وأنه أيضا ليس شكلا من أشكال الرقابة الخفية التي تتوخى التحكم في خارطة الإبداع المسرحي، بحيث يحجب هذا الدعم عن الضالين والمضلين، ويعطى لمن لا يقول من الكلام غير "آمين".

"
كنت أول من دعا إلى دعم الإبداع المسرحي، وكان ذلك في تلك الورقة التي أعددتها للمناظرة الوطنية للمسرح الاحترافي بمدينة الدار البيضاء في أوائل السبعينيات
"
وهذا ما عشناه مغربيا في العشرين سنة الماضية، بحيث أصبح منح هذا الدعم تزكية وجزاء للتابعين ولتابعي التابعين وللمقربين في الأسرة وفي الصحبة وفي الحزب، وأصبح عقابا للفوضويين وللمهمشين وللمنبوذين ولكل الذين أجبرهم روح الفن الصادق أن يكونوا أحرارا وأن يسبحوا ضد التيار الجارف.

وإلى حدود هذا اليوم، فإن المبالغ المهولة التي صرفت على هذا الدعم ليس لها ما يبررها منطقيا، ولا ما يمكن أن يوازيها من إبداع كبير وخطير، لقد كنا أمام طواحين مسرحية تدور وتدور، ولكنها لا تطحن إلا الهواء.

وقد عرف هذا الدعم كثيرا من التسيب ومن البذخ ومن الإسراف في الصرف المالي، وذلك في عهد الوزير الأسبق، والذي غادر الوزارة -غير مأسوف عليه- وترك صندوقها فارغا، الشيء الذي اضطر الوزير الحالي إلى أن يوقف مؤقتا هذا التسيب، على الأقل حتى تتضح الصورة.

وأعتقد أن من واجب هذا الوزير اليوم -ومن واجب أي وزير يأتي بعده- أن يسأل نفسه الأسئلة التالية: هل يصرف هذا الدعم للجهة التي تستحقه فعلا؟ وهل توظفه في الإبداع الحق أو في الإبداع أو فيما يشبه الإبداع، أو فيما هو خارج الإبداع الجمالي والفكري؟ وهل يخدم هذا الدعم المالي الحركة المسرحية المغربية حقا، أم أنه يذهب لبعض الجيوب فقط؟

إن الأساس في هذا الدعم أن يذهب للمشاريع المسرحية الكبرى، والتي لها رؤيتها الواضحة، ولها مخططاتها المضبوطة، ولها أهدافها المرسومة، ولها أسسها النظرية والفكرية والجمالية، والتي تتجمع داخل ورشات أو داخل مجموعات مسرحية للبحث والتجريب، وهذا مع الأسف ما ليس له وجود، لأن الدعم يعطى لشخص من الأشخاص، وليس لمسرح يتحلق حوله كتاب ومخرجون وممثلون وتقنيون من أجل الوصول إلى هدف من الأهداف.

 سؤال الفن والأخلاق يطرح نفسه بشدة، وهو موضوع سجال بين المشتغلين في المجال الفني، كيف تنظرون لهذه الثنائية؟

الفن أساسا جمال، وكل الفنون جميلة بالضرورة، وليس اعتباطا أن أطلق عليها اسم "الفنون الجميلة"، وليس الفنون القبيحة.

نعرف أن الأخلاق جمال أيضا، وهي جمال نفسي وذهني وروحي بكل تأكيد، وما يقوم به الفنان دائما هو أنه يعطي الناس ما عنده، فمن كان غنيا في داخله انعكس هذا الغنى على شعره وعلى مسرحه وعلى لوحته التشكيلة، أما من كان فقيرا أو كان بداخله قبح وعطب وفراغ وخواء، فإن فنه لن يعكس إلا هذا الخواء ولا شيء غيره.

أعتقد أن هذه القضية هي أساسا قضية مغلوطة، ويثيرها دائما الإعلام وليس أهل الفن والإبداع، والمهم هو أن يكون الفنان حرا، وأن يكون مسؤولا في حريته، وأن يطرح الأسئلة الحقيقية حول الموضوع الحقيقي في التوقيت الحقيقي، وأن يعرف أن المبدع الحق لا يتوخى الإثارة المجانية، وأن وهم كسر التابوهات وقتل الأب وتدمير البنيات الأخلاقية القديمة والتشكيك المجاني في البديهيات وفي المسلمات وفي كل شيء، كلها كلام إعلام وليس كلام فن وفكر وثقافة.

 أنتم من الذين يؤمنون بأن المسرح رسالة، هل ما زالت هناك رسالة؟

ليس الفن وحده هو الرسالة الوحيدة في هذا الوجود، ذلك لأن كل ما في الطبيعة وفي الوجود وفي هذه الحياة يبدع الرسائل ويبعثها ويتلقاها، وماذا نسمي الرياح والعواصف والبرق والرعد وزقزقات الطيور أليست رسائل أيضا؟ ولماذا أوجد الإنسان اللغة، أليس من أجل أن يبعث الرسائل؟ وماذا يمكن أن يكون الرقص، أليس رسالة بالجسد؟

ولهذا فإنني لا أومن بأن يكون الاحتفال المسرحي تجمعا بشريا بلا معنى، أو أن يكون ما يقوله الشاعر والمغني بلا معنى، وأن تكون كل هذه الحياة بلا معنى. وبالرجوع إلى كبار الكتاب المسرحيين في التاريخ سنجد أنهم كانوا دائما أصحاب رسائل ذات معنى، وفي كتابي الأخير "الرحلة البرشيدية" فصل يحمل عنوان "حوارية الرسول والرسالة"، وفيه أطرح مسألة رسالية الفن، بين من يبعث هذه الرسائل ومن يتلقاها، وبين من يريد أن يمنعها، وبين من يقدر قيمتها الحقيقية، وبين من لا يعرف خطورتها الجمالية والوجدانية والفكرية.

"
تعودت أن أقول دائما في كتاباتي إنني كاتب عمومي، وإنني أنصت لنبض الناس ولنبض الحياة وأكتب، وإنني أحدث الناس عن همومهم وقضاياهم
"
ولقد تعودت أن أقول دائما في كتاباتي إنني كاتب عمومي، وإنني أنصت لنبض الناس ولنبض الحياة وأكتب، وإنني أحدث الناس عن همومهم وقضاياهم.

من واجب الفنان أن يدبج الرسائل الجميلة والمفيدة والممتعة، وإلا فما معنى أن يكتب؟ وفي المقابل فإنه ليس من حق أية جهة أن تفرض على هذا الفنان مضمونا معينا ورأيا معينا وموقفا معينا، وقديما قال العرب "لا تقل للمغني غنِّ"، نعم، ولا تقل للكاتب ماذا يكتب، أو ماذا عليه أن يكتب.

 هل نجح المسرح العربي في خلق هوية خاصة به أم أنه غارق في النقل والتقليد؟

هذه الهوية موجودة فعلا، ولقد كانت دائما موجودة، وهي تحصيل حاصل ولا تحتاج لكل هذه الضجة الكبرى، وبالتأكيد فإن ما ينتجه المسرحي هو مسرح بالضرورة، وإن ما يبدعه المسرحي العربي هو مسرح عربي أيضا، ولا أحد يمكن أن يعطي عطاء فنيا جديدا إلا بما لديه، وبما في شخصيته، وبما في ذاكرته، وبما في ثقافته، وبما في تاريخه ولغته وفنونه.

وبالرجوع إلى هذا المسرح فإننا سنجد فيه القضايا العربية والأسئلة العربية، ونجد فيه روح الإنسان وروح المكان وروح الزمان. وهذه الحقيقة -على بساطتها- قد يغفل عنها بعض المسرحيين العرب، ويذهبون للبحث عن مسرحهم خارج شروط هذا المسرح، والتي هي شروط ذاتية وموضوعية في نفس الوقت.

هذه الحقيقة هي التي أدركها الكاتب المسرحي النيجيري وولي سوينكا، وعبر عنها في مقولته "النمر الأفريقي الذي استعاد نمريته"، والذي اعتقد -لزمن ما- أنه من الممكن أن يكون غيره، وأن يصبح دبا روسيا مثلا، ونفس هذه الفكرة هي التي بنى عليها المثقفان الأفريقيان ليوبولد سيدار سنغور وإيمي سيزير تيار "الزنوجية" وفاء لزنوجيتهما التي هي المنطلق الأساس في عالمهما الفكري والإبداعي.

ويمكن أن نشير إلى أن أكبر مشروع مسرحي وأصدقه وأخطره في العالم العربي هو المشروع النهضوي الكبير الذي بدأ مع مارون النقاش، واستمر مع أحمد شوقي وصلاح عبد الصبور في المسرحية الشعرية، ووصل إلى التيار التأصيلي مع يوسف إدريس وعلي الراعي والطيب الصديقي والمنصف السويسي ويوسف العاني، ووصل إلى التيار الاحتفالي في أواسط السبعينيات من القرن الماضي مع جماعة المسرح الاحتفالي في المغرب وإلى مسرح الحكواتي في لبنان وفلسطين.


الاثنين، 19 فبراير 2018

"صابر عياشي" يمتع الجمهور العزاب بمونودراما "العساس" يقدم خارج إطار المنافسة

مسرحية "الاغتراب" ألم الروح ..والهجرة داخل الوطن

الإحتفاء بالمخرجة المغربية إيزة جنيني في مهرجان الرشيدية السينمائي في دورته العاشرة

مجلة الفنون المسرحية

الإحتفاء بالمخرجة المغربية إيزة جنيني في مهرجان الرشيدية السينمائي في دورته العاشرة 


يحتفي مهرجان الرشيدية السينمائي في دورته العاشرة ما بين 18 و 22 أبريل 2018 بالمخرجة المغربية إيزة جنيني. 
وسيتم خلال أيام المهرجان عرض ومناقشة مجموعة من أفلام المخرجة، و تنظيم ندوة علمية وطنية حول تجربتها السينمائية بمشاركة عدة أساتذة جامعيين و نقاد سينمائين. إضافة إلى عرض مجموعة من الأفلام التي تميزت على الساحة الوطنية مؤخرا وذلك بحضور مخرجين وممثلين مرموقين على الساحة السينمائة.
كما سيتم خلال أيام المهرجان تنظيم مجموعة من الورشات التكوينية واللقاءات المفتوحة مع ضيوف الدورة وكذا مسابقتين رسميتن في الفيلم الروائي القصير والفيلم الوثائقي. 
وتتميز هذه الدورة بتنظيم لقاء على السينما العراقية - ضيف هذه الدورة - مع عرض مجموعة من الأفلام العراقية القصيرة المتميزة.

انتهاء اعمال المشاهدة والفرز للأفلام في مهرجان " ٣دقائق في ٣ أيام السينمائي"

مسرحية «نصف ساعة حلم» أبهرت الحضور وحصدت الجوائز

مجلة الفنون المسرحية

مسرحية «نصف ساعة حلم» أبهرت الحضور وحصدت الجوائز

المنامة – بدور المالكي  - سيدتي نت 


ثلاثة فنانين بحرينيين من ذوي الإعاقة، استطاعوا أن يقدموا نصاً مسرحياً مبدعاً «نصف ساعة حلم»، من تأليف وإخراج جاسم طلاق، وتمثيل محمد الحمري، وليد بشير، ومصطفى القرمزي، أبهر الحضور وشد انتباههم وجعلهم يحصون الأنفاس، ويخيم الصمت على المسرح انبهاراً بروعة الأداء، لتحصد المسرحية، جائزة أفضل ممثل من الأشخاص ذوي الإعاقة كانت من نصيب وليد بشير، وجائزة الموسيقى والمؤثرات الصوتية لفني الموسيقى علي العلوي، وذلك خلال فعاليات المهرجان المسرحي الرابع للأشخاص ذوي الإعاقة لدول مجلس التعاون الخليجي، والذي تقيمه وزارات التنمية في كل دول مجلس التعاون الخليجي على أرض سلطنة عمان.
المسرحية التي قدمها فنانون من ذوي الاحتياجات الخاصة من مركز الحراك الدولي، وبدعم من جمعية الصداقة للمكفوفين، تناولت الجانب الفكري، ومثلت أسلوباً جديد بالمسرح في هذا المهرجان، جسد العرض تمثيلاً الفنانون محمد صالح، ووليد بشير، ومصطفى القرمزي، وبمشاركة عازف الكمان الرائع الفنان علي العلوي، والفنان سالم الجارح في المؤثرات الموسيقية، والفنان وليد الدوسري في متابعة التدريبات والإنتاج، وأشرف على التدريبات فاتن كمال، وشريفة المالكي، وقد أبهر الممثل وليد بشير الحضور بسطوة إحساسه المتدفق وروحه المرحة، وعمق استيعابه للشخصية التي جسدها على المسرح.
المسرحية والتي كان لها مشاركة في مهرجان مسرح الريف في البحرين، تم عرضها بحضور سفيرة النوايا الحسنة منيرة بنت هندي، بعد حضور الفريق من سلطنة عمان في عرض جماهيري حافل في صالة مركز سلمان الثقافي، وشهدت إقبالاً واسعاً.






مسرحية "خواطر شبحة" تنعش المسرح النسائي في السعودية

الأحد، 18 فبراير 2018

صدور كتاب " محمود مراد رائد المسرح المدرسي " تأليف أ.د.سيد علي اسماعيل

الفنان د. جبار جودي العُبُودي يقرر الترشيح رسمياً لإنتخابات نقابة الفنانين العراقيين - منصب النقيب لنقابة الفنانين العراقيين 2018

مجلة الفنون المسرحية

الفنان د. جبار جودي العُبُودي يقرر  الترشيح  رسمياً لإنتخابات نقابة الفنانين العراقيين - منصب النقيب لنقابة الفنانين العراقيين 2018


وقد أكد الفنان الفنان د. جبار جودي العُبُودي انه من أجل النهوض بهذه المؤسسة العريقة ولكي تمارس مهامها وعملها وانتاجها بشكل صحيح ومستمر ومحتدم وفاعل ومؤثر إرتأينا أن يكون البرنامج الإنتخابي كخطة عمل من ثلاث مراحل قابلة للتنفيذ وليست حبراّ على ورق :
• أولاً : الأولويات .. ويتم إنجازها خلال الستة أشهر الأولى من تسنّم المهام .
• ثانياً : المدى القريب وهي خلال السنة الأولى وتمتد الى النصف الأول من السنة الثانية من تسنّم المهام .
• ثالثاً : المدى المتوسط والبعيد : الخطة المتوسطة تمتد من سنتين الى ثلاث سنوات والخطة البعيدة المدى من ثلاث سنوات الى ستة سنوات .
أولاً : الأولويات :
1- يدخل في بابها بشكل بديهي التنظيم المتكامل لآليات عمل النقابة وتفعيل مهامها الحاسمة في صيانة حقوق الفنان وأن تكون واجهة نفخر بالإنتماء لها كفنانين أعضاء .
2- السعي الحثيث لدى مجلس النواب ورئاسة والوزراء ورئاسة الجمهورية لغرض استصدار قوانين وتشريعات تصب في مصلحة الفنان أولاً وأخيراً لغرض صيانة حقوقه الإنسانية والفنية وإعلاء شأن الفنان في كل المحافل الإجتماعية والسياسية والإقتصادية لأن الفنان هو الشمعة التي تنير ظلام الجهل والتخلف ، وهذه الأولويات تحتاج الى تكاتف من جميع الفنانين في الإلتفاف حول ادارة النقابة الجديدة لغرض الدخول في سجالات عريضة لنيل الحقوق ونحن قادرين على ذلك إنشاءالله .
3- العمل الإحترافي الرقمي للنقابة عن طريق موقع الكتروني محترم وصفحات تواصل اجتماعية متنوعة تكون فاعلة في تحقيق التواصل اليومي والفاعل بين الداخل والخارج أفراداً ومجاميع .
4- الغاء الرسوم المالية لكافة معاملات الفنان في نقابته والإكتفاء بوصولات قبض رسمية بمبالغ رمزية جداً لإدامة عمل الإدارة .
5- إنشاء صندوق مالي ذو سقفٍ عالٍ لرعاية الفنان العراقي في كافة ظروفه .
6- إعفاء الفنانين الرواد من كافة رسوم تجديد الهوية الخاصة بالنقابة ويكون التجديد لهم تلقائياً كل سنة ويتم تحديد ذلك بضوابط يضعها المجلس المركزي المنتخب الجديد للنقابة .
7- التنسيق التام بين المركز وفروع النقابة في إحتضان العمل الفني للمجاميع والأفراد وبدعم تام من المركز .
ثانياً : المدى القريب :
بالتعاون التام مابين المجلس المركزي والشعب الفنية المختلفة والفروع في المحافظات يتم وضع برنامج متكامل يتم عرضه على الهيئة العامة لغرض مناقشته وإبداء الرأي فيه وهذا البرنامج يتضمن آليات متعددة منها :
1- الإيرادات المتحققة للنقابة من أموال وكيفية تحصيلها والجهات المانحة للعمل النقابي والتأثير عليها وإيجاد طرق جديدة للتمويل .
2- تفعيل دور النقابة في تعزيز الإنتاج الفني لمختلف التخصصات أفراداً ومجاميع .
3- تقوم الشعب الفنية وفروع النقابة في المحافظات بوضع خطة عمل سنوية طموحة لتفعيل التخصص ويكون باب النقابة مفتوحاً على مصراعيه لجميع الفنانين الفاعلين في الداخل والخارج .
4- إيجاد تفصيلات إدارية من خلال المجلس المركزي والشعب المتخصصة لفناني المهجر وكيفية التنسيق لتكون النقابة حاضرة معهم ومؤثرة لهم وتعزيز دورهم الفني داخل وخارج العراق .
5- تأخذ النقابة على عاتقها إقامة مجموعة من التفاهمات والتوافقات مع مختلف الفعاليات والمهرجانات الثقافية والفنية داخل العراق وخارجه لأجل دعم الحضور العراقي في كافة المجالات الفنية المتنوعة .
6- تتبنى النقابة إقامة مهرجانات سنوية بشكل دوري لكافة التخصصات الفنية بشكل عملي ومدروس لأجل تفعيل الحركة الفنية العراقية محلياً ودولياً .
7- السعي الجاد الحثيث لأجل تكريم الفنانين في حياتهم عن طريق الحصول على قطع أراضي ورواتب ثابتة للرواد وجيل الوسط والشباب الفاعل .

ثالثاً : الخطة المتوسطة والبعيدة المدى :
1- العمل على تنويع مصادر الدخل المالي للنقابة عن طريق إيجاد أرضية استثمارية تضمن عائدات مالية جيدة لتسيير عمل النقابة ونشاطاتها .
2- إرساء وتعميق الوعي الجمعي العام بضرورة الفن في الحياة الإجتماعية عن طريق النشاط الفني والثقافي والتوعية المستمرة .
3- المبادرة الى تثقيف المجتمع فنياً عن طريق توسيع دائرة النشاطات الفنية الفعلية لتمتد الى القرى والأرياف والقصبات والمدارس بشراكة تامة بين المركز وفروع النقابة في المحافظات كافة .
4- تثبيت العمل الإداري وترسيخه ليكون قاعدة محترمة في ديمومة عمل النقابة المستقبلي في جميع النواحي .
5- إيجاد سبل كفيلة بإنشاء مجمعات سكنية للفنانين تتوافر على مواصفات عالمية مع تفعيل انشاء مدينة فنية متكاملة وضخمة بمواصفات ممتازة .
6- السعي بشكل جاد ومدروس لأجل إنشاء مرافق فنية متكاملة لديمومة عمل التخصصات كافة من مسرح وسينما وفنون تشكيلية  .

الهيئة العربية للمسرح بالتعاون مع المسرح القومي السوداني تختتم ورشة تصميم الإضاءة المسرحية

مجلة الفنون المسرحية


الهيئة العربية للمسرح بالتعاون مع المسرح القومي السوداني تختتم ورشة تصميم الإضاءة المسرحية 


نظمت الهيئة العربية للمسرح بالتعاون مع المسرح القومي السوداني ورشة تصميم الإضاءة المسرحية  في الفترة من 8-18فبراير الجاري بإشراف مصمم وخبير الإضاءة الفنان محمد المراشدة والمهندس علي سعادة وبعد وصولهم فجرالأربعاء 7فبراير وكان في استقبالهم الأستاذ محمد شاطر صادق مدير المسرح القومي بمطار الخرطوم ومن ثم إلي فندق الزهرة الجديدة _الخرطوم .

صبيحة الخميس 8فبراير افتتحت ورشة الإضاءة المسرحية بكلمة الأستاذ عبدالله حسب الرسول مدير مدير الإدارة العامة للفنون المسرحية مرحبا ب الاخوة الخبراء وشاكراً الأمين العام للهيئة العربية للمسرح الأستاذ إسماعيل عبدالله والأستاذ غنام غنام مسؤل الاتصال والإعلام بالهيئة ومتفائلا بالشراكة مع الهيئة .. وايضا أكد المخرج حاتم محمد علي منسق الورشة علي اهمية هذه الشراكة والدور الذي تقدمه الهيئة في كافة مناحي الحياة المسرحية ومؤكدا علي نوعية التدريب المتخصص لعناصر العرض المسرحي .

ثم عبرالأستاذ محمد المراشدة عن سعادته ووجوده بين أهله في السودان مقدما الطريقة المنهجية في التدريب .

يجدر ذكره أن إفتتاح الورشة بدأبعدد 36 إلا أنه تضاعف في اليوم الثاني رأت الادارة انها مؤشر إيجابي للبداية  وحافز لاستفادة اقصي عدد من المتدربين .

استطاع مصمم الإضاءةالمراشدة والمهندس علي سعادة تجاوز ضعف أجهزة الإضاءة علي خشبة المسرح القومي ام درمان وحرارة الطقس أثناء ساعات التدريب يكثير من العطاء وتفاعل المتدربين. نظمت إدارة الورشة زيارة يوم الثلاثاء 6 فبراير  لمسرح قاعة الصداقة بالخرطوم وذلك للتعرف علي مزيد من التقنيات في المسارح المختلفة .

احتقي المتدربون وفي يوم مختلف بخبراء الورشة حيث نظموا رحلة ترفيهية يوم الجمعة 16فبراير لمنطقة الشجرة بالخرطوم.

اختتمت الورشة أعمالها يوم السبت 17فبراير بيوم عملي تطبيقي لتقنيات وتصميم الإضاءة حيث قدمت 6 مشاهد مسرحية عبر عنها محمد المراشدة بانه شاهد مهرجان وليس مشاهد وأنها كانت مدهشة وغاية في الجمال .. وفي ختام اليوم جدد الأستاذ محمد شاطر الشكر للهيئة العربية للمسرح والخبراء مؤكدا علي نجاح الورشة والدليل علي ذلك ان المشاركين بلغ عددهم 54 متدرباً وهذا يؤكد علي جاذبية التدريب متمنيا  استمرار التعاون والشراكة.ثم تكريم الخبراء وختاما ً تم  توزيع الشهادات للمشاركين في الورشة بتوقيع الأستاذ إسماعيل عبدالله الأمين العام للهيئة  العربية للمسرح .

المخرج المسرحي وخلفيته الثقافية

مجلة الفنون المسرحية

المخرج المسرحي وخلفيته الثقافية

سامي عبد الحميد - المدى 

لاحظت في الأونة الأخيرة أن عدداً من المخرجين المسرحيين الجدد في بلدنا وفي البلدان الأخرى تنقصهم الثقافة العامة والثقافة الفنية ويعتمدون في عملهم الأخراجي بالدرجة الأولى على مخيلتهم ومعرفتهم المبتسرة التي حصلوا عليها من خلال عملهم مع مخرجين آخرين أو من خلال قراءاتهم القليلة.

صحيح أن للموهبة والخيال الواسع اهميتهما في عملية الأخراج المسرحي إلا أن التزود بالمعرفة العامة وبالمعرفة الخاصة اهميتها الأعظم. وصحيح أيضاً أن هناك عدداً من الكتب المختصة في الأخراج المسرحي قد وصلتنا مترجمة عن الانكليزية وعن الروسية إلا أن هناك عدداً أكبر لم يصل إلينا لحد الآن وإن هناك عدداً آخر قد وصلنا إلا أن العديد من المخرجين الجدد لم يطلعوا عليها أو لم يدرسوها دراسة وافية. وهنا سأتعرض إلى أربعة من تلك الكتب التي أراها ضرورية ليتعلم من الأخراج المسرحي وحرفياته.
أول الكتب الأربعة هو (العناصر الاساسية لأخراج المسرحية) للمنّظر الكبير (الكساندر دين) والذي ترجمته بنفسي وترجمته أحدى الاكاديميات المصريات بعنوان (أسس الأخراج المسرحي) واعتقد أن أي مخرج لم يقرأ الكتاب لا يمكن أن يكون مقتدراً بما فيه الكفاية. ويركز الكتاب في عناصر الإخراج الخمسة (التكوين، والتفسير الصوري، والحركة، والايقاع، والتعبير الصامت) على الجانب البصري في العرض المسرحي ويقدم لنا (دين) في كتابه تفاصيل وتمارين عن كل عنصر من تلك العناصر. ومن تلك التفاصيل ما يتعلق بالتوازن وبالتتابع وبالتأكيد وبالتنويع. 
الكتاب الثاني المهم في تعليم حرفية الأخراج المسرحي هو (المخرج فنان، الأخراج المسرحي المعاصر) لمؤلفيه (أر. أج. أونيل) و(أن. أم. بورتر) والذي ترجمته هو الآخر بنفسي وصدر عن (مكتب الفتح) ببغداد. وفي هذا الكتاب يتطرق المؤلفان إلى أحدى عشرة مهمة يقوم بها المخرج المسرحي في انتاج العرض المسرحي، وهي على التوالي: 1) أن يكون ممسرحاً، أي أن يكون على معرفة بحرفيات العمل المسرحي وتقنياته. 2) أن يكون ناقداً، أي أن يكون قادراً على تقييم النص المسرحي ومدى صلاحيته للعرض وللتأثير في الجمهور. 3) أن يكون محللاً، أي أن يكون قادراً على تحليل معاني النص المسرحي الظاهرة والخفية واكتشاف دلالات العناصر السمعية والمرئية والحركية. (4) أن يكون مفسِراً لما حلل بواسطة أرواق المسرحية وهي الممثل والزي والمنظر والاضاءة والمؤثرات الأخرى. (5) أن يكون مؤرخاً، أي أن يكون عارفاً بتاريخ الأمم وحضاراتها بصورة عامة حيث يحتاج تلك المعرفة عندما يتصدى لإخراج مسرحية تاريخية. (6) أن يكون مصمماً، أي أن يكون على معرفة بعناصر التصميم للمنظر وللزي وللأضاءة ومتطلباتها وحرفياتها. (7) أن يكون ممثلاً، أي أن يتحلى بموهبة المحاكاة وتبني أبعاد الشخصيات الدرامية ويكون عارفاً بأساليب التمثيل المختلفة ونظرياتها. (8) أن يكون مدرباً، أي أن يمتلك القدرة على توجيه الممثلين في مجالات الأداء الصوتي والجسماني ووسائل التعبير عن الأفكار والمشاعر. (9) أن يكون منظِماً، أي له القدرة على تنظيم طاقم العمل المسرحي وواجبات كل فرد فيه بحيث يتعاون كل منهم في دعم رؤيته. (10) أن يكون متفرجاً، أي أن يضع نفسه في موقع المتفرج وينظر إلى عمله على وفق المسافة الجمالية لكي يتفادى الوقوع في الأخطاء. (11) أن يكون مديراً، أن يكون قادراً على إدارة العمل المسرحي من بدايته حتى نهايته، أي من اختيار النص والممثلين والمصممين والبناية، الى التمارين وتنظيمها والدعاية للعمل والترويج له وإدارة أنتاجه.
الكتاب الثالث الذي اقترح على المخرجين دراسته فهو المعنون (الأخراج المسرحي) لمؤلفه (هتج نيلمز) ومترجمه (امين سلامة) والصادر عن (مكتبة الانجلو المصرية) فيحتوي الموضوعات التالية: 
(1) التنظيم ويقصد به توزيع مهام العمل المسرحي ابتداءً من إدارة الانتاج ومروراً بإدارة المسرح وانتهاءً بالعرض المسرحي. (2) المسرح، ويقصد به مكان التمثيل والعرض ومكوناته ومتطلباته وجغرافيته. (3) النص ويقصد به كيفية اختيار النص المسرحي الصالح للعرض واعداده للعمل (4) ترجمة المسرحية ويقصد بها إبراز القيم العقلية والعاطفية والجمالية الصرفة وكيفية اكتشافها والتأكيد عليها وما يتعلق بالفكرة الرئيسية للمسرحية. (5) المبادئ والوسائل ويقصد بها – التنوع والابتكار والدوافع والتسويق. (6) توزيع الأدوار ويقصد به كيفية اختيار الممثلين على وفق تناسبهم مع الشخصيات الدرامية و(التشكيلات ويقصد به خلق التكوينات المعبرة على وفق مناطق المسرح وأهميتها وعلى وفق مبدأ التأكيد على المهم والأهم. (7) الحركة ويقصد بها حركة الممثلين وأنواعها واشكالها وقيمها وتسري على الايماءة والشغل المسرحي الذي يخلق الصفات الحياتية في العرض المسرحي (8) الالقاء ويقصد به تلفظ الكلمات واظهار معانيها ما يتعلق بمخارج الحروف وتنغيم الجمل وإيقاعها وتنويعاته وعلاقة ذلك بالمعنى. (9) خلق الشخصية وتحويل صفات الممثل إلى صفاتها. (10) الاداء في الكوميديا. وتقنيات الإضحاك. (11) تصميم المنظر ووظيفته وقيّمه وكيفية بناءه وتركيبه ورسمه وتكوينه. (12) الملحقات – الاكسسوار وانواعه. (13) الأزياء وعلاقتها بالشخصية الدرامية وأنواعها. (14) الماكياج وعلاقته بالشخصية وعلاقة ألوانه بألوان الأضاءة. (15) الأضاءة وأنواعها واجهزتها ووظائفها. (16) الخطة الأخراجية وكيفية تنفيذها والتمارين وتطورهما.
الكتاب الرابع الذي أنصح بدراسة محتوياته بتمعن فهو (الأخراج في مسرح ما بعد الحداثة) لمؤلفه (جون وايتمور) والذي هو الآخر قمت بترجمته وصدرت الترجمة عن دار المصادر ببغداد. وتكمن أهمية هذا الكتاب المتخصص في تعرضه لتشكيل الدلالات في العرض المسرحي وكيفية استخدام المخرج لعلم الدلالة ونظم العلاقة المسرحية البصرية والسمعية والحركية. ويتعرض الكتاب إلى أعمال أبرز مخرجي مسرح ما بعد الحداثة أمثال (روبرت ويلسون) و(ريجارد فورمان) و(مارتا كلارك) و(بيتر بروك) ويتطرق الكتاب إلى النظم الدلالية لدى الجمهور ولدى الممثل اضافة إلى النظم البصرية والسمعية المختلفة.
هناك عدد آخر من الكتب المتخصصة في فن الأخرج لمؤلفين عرب وعراقيين وأخرى لمؤلفين أجانب ولكن لم يصلنا من هذه الأخرى ترجمات وأذكر منها كتاب (فن انتاج المسرحية) لمؤلفه (جون دولمان) وتكمن أهميته في تعرضه لمبدأ التعاطف ومبدأ المسافة الجمالية في الفن الجميل عموماً وفي الفن المسرحي بوجه خاص. أما موضوعاته الأخرى فلا تختلف عن تلك المذكورة في الكتب المشار إليها سلفاً. وهناك كتاب بعنوان (مسرح جديد لمسرح قديم) لمؤلفه (موردخاي كوريليك) وفيه يذكر مؤلفه إن الكثير من تقنيات الأخراج المسرحي في المسرح الجديد تقتبس من تقنيات المسرح القديم. ويتعرض إلى نوعين من الانتاج المسرحي هما الأنتاج الايهامي الذي تقترب عناصره من الواقع والانتاج اللاايهامي الذي يعتمد على مبدأ (التمسرح) ويبتعد عن مبدأ الأيهام بالواقع. وهناك كتاب مهم بعنوان (الأبداع المسرحي) لمؤلفه (اوغست سنتاوب) الذي يتعرض فيه إلى أوجه ثلاث للعرض المسرحي هي (المسرح البصري) الذي يشمل كل ما يرى في الصورة المسرحية، و(المسرح السمعي) الذي يشمل كل ما يُسمع في العرض المسرحي : و(المسرح الحركي) الذي يشمل كل ما يتحرك من العرض المسرحي – الممثل والمنظر والاضاءة. واشير أيضأً إلى كتاب بعنوان (فن وحرفة الانتاج المسرحي) لمؤلفه (بيرنارد هيوبت) ويتعرض المؤلف فيه إلى أنواع المسرحيات من الناحية الجمالية وأنواعها من الناحية الأدبية وأنواعها من الناحية البنائية وكيفية معالجة كل نوع إخراجياً. وأخيراً وليس آخراً هناك كتاب بعنوان (الأخراج المسرحي) لمؤلفيه (ديفيد سيفرز) و(هاري ستيفر) و(ستانلي كاهان)، ففي الفصلين الأول والثاني من الكتاب يتعرض المؤلفون إلى ظروف الانتاج المسرحي وتحديات الأخراج وكيفية اختيار النص المسرحي. ويكرس الفصل الثالث لموضوعة تفسير المخرج للنص المسرحي ويكرس الفصل الرابع للوجه البصري في العرض المسرحي. ويتعرض الفصل الخامس إلى الحركة على المسرح وغرضها وأنواعها، ويتعرض الفصل السادس من الكتاب إلى تقنيات الإخراج في المسارح الأخرى غير مسرح العلبة، ويتعرض الفصل السابع إلى استخدام الصوت في العرض المسرحي، ويتعرض الفصل الثامن إلى التشخيص ، أي صفات الشخصية وابعادها واهدافها وفي الفصل التاسع يتعرض المؤلفون إلى الأيقاع وتصاعده نحو الذروة. وفي الفصل العاشر والأخير يشرح المؤلفون تفاصيل اختيار الممثلين وإجراءات التمارين. ويبدو لي أن المؤلفين قد اعتمدوا كثيراً على كتاب الكساندر دين المشهور ومن هذا الاستعراض لعدد من الكتب المتخصصة في الأخراج المسرحي أبغي تذكير المخرجين المسرحيين ومن أية مرتبة كانوا ومن أي جيل بأن التزود بالمعرفة الفنية والحرفية هي التي تؤهلهم لتصدي عملية وفن الأخراج المسرحي وتساعدهم على تحقيق النجاح في عملهم وإن الاكتفاء بالموهبة والرغبة الذاتية لا يساعدانهم في قيادة فريق العمل المسرحي نحو تقديم ما هو أفضل.





السبت، 17 فبراير 2018

هيثم عبدالرزاق:الاكاديمية دائما تُخرّج أجيالاً موهوبة.. والبيئة تتحكم بوجودهم ضمن المشهد الفني

مجلة الفنون المسرحية

هيثم عبدالرزاق:الاكاديمية دائما تُخرّج أجيالاً موهوبة.. والبيئة تتحكم بوجودهم ضمن المشهد الفني

حاورته: زينب المشاط  - المدى



التخيّل الطريق الأول الذي قاده نحوّ الفن، حيث كانت مُخيلته وروحه باحثة مُستشرفة للمستقبل، وقد يكون عمله في مجال المسرح وإحترافه لهذا الفن يعود الى فضوله الباحث عن الغد، ذلك أن مجال المسرح لا يعرف العودة للماضي أو استعادته بل التهيئة للمستقبل واستكشافه، مشاهدة التلفزيون في طفولته كانت واحدة من أسباب إثارته وشغفه الفني، ليجد بعدها نوعاً من الاستجابة بين التلفزيون والمخيلة وإشباع الفضول..
دخل كلية الفنون الجميلة بشكل قدري، لتقوده الصدفة بعد الأقدار لدخول قسم المسرح رغم أنه كان ينوي أن ينضم الى قسم الفنون التشكيلية ولكن للصدف دورها الفاعل وهو رجلٌ مؤمن بلعبة الصدفة، في كلية الفنون اختاره عميد المسرح سامي عبد الحميد لتجسيد دور في مسرحية كلكامش واستطاع أن يُثبت امكانياته المسرحية ضمن حدود الاكاديمية...

أولى انطلاقاته المسرحية المعروفة في مسرحية "حكاية صديقين" إخراج سامي عبد الحميد ايضا لفرقة الفن الحديث وكان هذا العمل الخطوة الاولى نحو الاحتراف، لتتوالى بعدها الاعمال المسرحية، حتى عام 2004 حين قدم العمل المسرحي الاقرب الى قلبه "اعتذر استاذي لم اقصد ذلك" وهو عمل مسرحي شعبي قدمه في مهرجان القاهرة الدولي وحصد من خلاله جائزة المهرجان، شارك أيضاً في أعمال درامية كثيرة أخرها البنفسج الأحمر، إلا ان العمل الدرامي "مها" كان الأقرب اليه ذلك أن شخصيته انطبعت في ذاكرة المشاهد العراقي من خلاله، مؤخراً شارك الفنان والمخرج المسرحي هيثم عبد الرزاق فيلماً سينمائياً وللمرة الاولى بعنوان "بغداد في خيالي" ، مسيرته الفنية طويلة غنية بالتجارب والاحداث التي حاولت المدى ان تستعيدها من خلال حوار لنا مع الفنان:

• عملت مع مخرجين كثر ولكن المخرج ناجي عبد الأمير أكثر من استطاع إظهار امكاناتك؟
- ولماذا لا نقول العكس؟ في الواقع حين يلتقي شباب مع بعضهم بحيث يكونون متكافئين فكرياً وثقافياً وأدائيا سينجحون فيما يقدموه، ناجي عبد الأمير من العقول الممتازة وانا أيضاً أعدّ من الجيدين في وقتي، وقد التقينا لقاء المتكفائين وهذا سبب نجاح اي مشروع أعني "التكافؤ"، لقد كُنا مجموعة حالمين إلتقت احلامهم مع بعض من خلال مجاميع من الأفراد ضمن جيل متقارب بأفكاره وصنعنا او حاولنا صناعة حلم مشترك وكنا متحمسين ومندفعين لذلك وتحركنا بالشكل الصحيح من خلال الانتماء للمستقبل، إلا أن ما يُعانيه الفن اليوم هو مشكلة عدم وجود تكافؤ بين ممثل أو مخرج وأحياناً يكون الممثل أكثر وعياً وأرقى من المخرج أو العكس.

• ألا تعتقد إن مهمة المخرج تكمن أيضاً في كيفية إظهار امكانيات الممثل؟
- أنتِ تتحدثين عن الواقع وطلبتي مني الحديث عن الواقع ولم تطلبي مني الحديث عمّا يفترض ان يكون دائما، لو تحدثنا عن المفروض فهو يجب ان يختار المخرج الممثل وأن يعرف المكان المناسب لوضعه به وإبراز امكاناته، يحب أن تكون للمخرج ستراتيجية عمل لخدمة المشروع الاخراجي بأكمله، ولكن حين يضع المخرج الممثل في مكان ليس ضمن الخارطة سيؤدي الى انهيار الممثل والعمل.

• أغلب نجوم السينما انطلقوا من المسرح، قدمت أعمال للتلفزيون وبعض الافلام السينمائية القصيرة وأعمال مسرحية، إضافة الى التجربة الاخيرة السينمائية بوصفك عملت بعض الافلام كيف يصف الفنان المسرحي عمله السينمائي؟
- الدراسة الاكاديمية هنا مهمة جداً وتلعب دوراً كبيرا للتمييز بين الاداء السينمائي والمسرحي والتلفزيوني، على سبيل المثال أن اي حركة اضافية في السينما تعدّ في غير محلها اذا كانت زائدة، لأن الشاشة كبيرة وتظهر الحركة بشكل اكبر الراحل ابراهيم جلال كان يقول دائما " حين تقومون بحركة صغيرة في السينما تظهر بقدر الدنيا لأن الشاشة السينمائية كبيرة جداً" أي التعبير عن الحزن في السينما يمكن أن يظهر بحركة بسيطة في ملامح الوجه بينما الانفعال المسرحي يكون أكبر بكثير لإظهار مدى الحزن على سبيل المثال، في المسرح الحركة أكثر حرية وأكبر وإذا عجز الممثل عن التمييز بين الحركة المسرحية والسينمائية فلن يستطيع أن يؤدي الفنان المسرحي دوراً سينمائياً، على سبيل المثال "بيتر أوتول" مسرحي كبير إلا انه حين شارك في فيلم لورنس العرب سنجد أ• كيف يستطيع الفنان أن ينتقل بين الاداء المسرحي والسينمائي والدرامي دون الوقوع في شباك الخطأ واللبس بما إننا تحدثنا في السؤال السابق عن هذا الموضوع بعض الشيء؟ 
ان أداءه المسرحي واضح في عمله السينمائي، وحين انتقلت من المسرح للتفلزيون وعملت مع الفنانة هند كامل اذكر انها نبهتني أن أحذر من أن يأخذني الاداء المسرحي في أدائي التلفزيوني ذلك أن آلية المسرح كانت باقية في جسدي ، أما الآن حين تقارنين عمل البنفسج الاحمر ستلاحظين الفرق الكبير بين الاداء التلفزيوني سابقاً والآن وهذا أيضاً يعود لنضج تجربة الفنان .

- الاحترافية طبعا والمهارة التي تأتي من خلال التمرين والتدريب، فالمهارة هي نتاج لمجموعة تمارين كثيفة، الجسم والعقل كمغناطيس يكتسب المهارة لتتحول الى آلية حُفظت ضمن منظومة الفنان الخاصة لهذا أعصاب الفنان في السينما والمسرح لها نظام خاص وكل هذا يأتي من خلال المهارة الناتجة عن التمرين.

• بما إننا اشرنا إلى الاحترافية، واهمية الدراسة الاكاديمية والمهارة في الاداء، نتساءل، هل مازالت كلية الفنون تعتمد على تنشئة فنانين جدد يعوّل عليهم فنياً وعلى وجه الخصوص الفنانات النساء؟
الكلية دائماً تخرج أجيالاً موهوبة، إلا إن البيئة تتحكم بوجودهم ضمن المشهد الفني فإما أن تبتلعهم البيئة أو تبرزهم ضمن المشهد، في وقتنا كانت البيئة مُساعدة اضافة الى مجموعة من الاساتذة هم مَن يبرزوا إمكانياتنا ولو وِجدنا في بيئة غير التي وجدنا بها لما برزنا، ولهذا البيئة الثقافية حالياً خالية مما يعرف بالاحتراف حالياً بعض الشيء، حيث مازال الاحتراف خارج اطار المشروع الفني او الثقافي بشكل عام كما لايوجد مشروع ثقافي ليتم من خلاله وضع الموهوب في المكان المناسب، كما يجب أن نُشير إلى أن إرادة الخريجين الموهوبين اليوم تلعب دوراً مهماً في ظهورهم كفنانين وفرض وجودهم ففي حال عدم امتلاكهم اصرار وإرادة عالية ستبتلعهم البيئة .

• لم يظهر فنان استثنائي اسماء تعلّق في ذاكرة الجمهور كما علقتم أنتم وأعمالكم حتى اليوم في ذاكرة الجمهور العراقي؟
- سنعود مرة أخرى للحديث عن البيئة، هنالك بيئتان إحداها حامية والاخرى طاردة أو مهمشة، لدينا مواهب ممتازة ولكن المشكلة بكيفية تسويقها ووضعها في أماكن مناسبة، اضافة الى دخول بعض الطارئين اليوم للوسط ومحاولتهم تسقيط الشخصيات الجيدة لذلك نحن بحاجة الى الاستقرار لتبرز هذه المواهب بشكل صحيح، ولنخلق بيئة داعمة لهذه المواهب، أزمة الحروب والمشاكل التي مررنا بها خلقت لنا خزيناً من الاعمال المهمة جداً فنحن اليوم فقط بحاجة الى استقرار لتقدم أعمال مهمة وكبيرة، وأتوقع في الفترة القادمة ستنتج مجموعة أعمال مهمة بسبب خزين عذابات انسانية مرت بحياتنا لا تحتاج سوى لاستقرار وتأمل لتُنتج كأعمال ضخمة.

• بما أننا تحدثنا عن الشباب والمواهب الجديدة وكيفية دعمها وتوفير بيئة مناسبة لتقديم نتاجها، هل الاساتذة في المجال الاكاديمي اليوم يقدمون دعماً للشباب أم أن هنالك فجوة بين الجيلين ؟
- الموضوع لا ينحسر بالدعم فحسب، الغيرة في أي مجال مشروعة ولكنها حين تتجاوز الحد المسموح تصبح أمر غير طبيعي وتسبب مشاكل كثيرة، سابقاً كان لدينا اساتذة لهم قدرة استيعاب رهيبة وجميلة للجيل الجديد رغم وجود شيء من الغيرة او عدم التقبل لبعض الاشياء أحيانا، أما اليوم فهناك طلبة بارزون في كلية الفنون يعانون أكثر مما عانيناه نحن لعدم وجود اساتذة بارزين اليوم في الكلية، استاذ التمثيل لا يمثل والاخراج لا يخرج والنقد لم يكتب أي مقال نقدي بهذا الحال الطالب الذي يبرز ضمن الاكاديمية اليوم يحاولون ان يضيقوا عليه المجال وهنا بالطبع أشير للبعض لا الكل.

• في العقدين الاخيرين تراجعت المشاركات المسرحية العراقية في المهرجانات الدولية فنحن لا نشارك ضمن المنافسات التي تقيمها المهرجانات وان شاركنا فلم نعد نحصد الجوائز كالسابق؟
- أنصح المخرجين بعدم التفكير بالمنافسات عليهم تقديم العمل الجيد والذي يتضمن امكانيات متميزة دون التفكير في دخول منافسة أو الفوز أو الخسارة، ذلك إن المنافسات اليوم اصبحت أمزجة ولجان التحكيم ايضا اصبحت أمزجة، فعلى سبيل المثال اذا كانت لجنة التحكيم في مهرجان ما مُتألفة من مجموعة من الرواد لهم قناعات بأداء معين كلاسيكي ودخل المنافسة شباب قدموا عملاً حداثياً لن تقتنع هذه اللجنة بأدائهم والعكس صحيح، لذلك لم تعد المنافسات في المهرجانات معياراً رئيسياً لمدى أهمية العمل...
وبالنسبة للمسرح العراقي فهو مسرح متفوق دائماً لأنه وليد مجتمع دراماتيكي يعمل على العواطف والانفعال العاطفي السريع انه مجتمع شاعر والدراما تطورت من الشعر، مجتمع افراده سريعوا الانفعال سواء الغضب أو السعادة او الثوران وهذا النوع من الانفعالات يناسب المسرح تماماً.




تعريب © 2015 مجلة الفنون المسرحية قوالبنا للبلوجرالخيارات الثنائيةICOption